فلسطين أون لاين

​المضاد الحيوي.. ليس عصير برتقال

...
صورة أرشيفية
د.أحمد الفارسي

أوَمَا سمعتَ أُخيَّ بالمأساةِ

تلك التي قد أَلْهَبتْ آهاتي

الطفلُ يأتي ليس يشكو علَّةً

إلا زكامًا؛ عابرًا؛ مُتَآتي

مَعْ ذاك يُعطوه الدَّوَا تِلْوَ الدوا

بغزارةٍ؛ وبأثقلِ الجُرُعَاتِ!

يا أيها الدكتورُ مهلًا سيدي..

أَجهلتَ ما للفعلِ من تَبَعاتِ؟..

أَوَلَسْتَ تعلم أنَّ ذلك خاطئٌ

بل إنّ ذلك أكبر الهَفَواتِ

وَجِّهْ كلامك للمريض وقُل له

بصراحةٍ؛ وبأثقلِ الكلمات

هذا دواءٌ.. ليسَ ماءً سائغًا

مُسْتَمتعا بعصيرِهِ المُقْتَاتِ

لو كنتَ تعلم فِعْلَهُ وصَنيعَهُ

أمسكتَ رأسك خائفا وتُحاتي

يمضي بجوفك سائرًا متنقلًا

في رحلةٍ من أعجب الرحلات

فيمُرُّ في كَبِدٍ ويدخلُ كِلْيةً

فيصيبها شيءٌ من الآفات

فَلِكُلِّ تِرْياقٍ تجاوزَ حَدَّهُ

فِعْلٌ يُعاكس نَفْعَهُ.. بصفات

إن لم يكنْ ذا الطفلُ يحتاجُ الدَّوا

فلما إذن تَكْتُبْهُ في الوَصَفات

في أغلب الحالات ليس به سوى

رشحٌ، وبردٌ؛ بعضُ فيروسات

لا سقمَ؛ لا حمّى؛ ولا بكتيريا

فعلام يسقى أثقل الزخات!

أَفْنَى قواريرَ العلاجِ جميعَها

رَشْحُ الأنوفِ وبَحَّةُ الأصواتِ

أتظن هذا سوف ينفع لاحقا!

أضمنته في الالتهاب الآتي!

إن المُضادَّ إذا تكثَّفَّ صَرْفُهُ

تَعْتادُهُ أجسامُ جُرثوماتِ

مِنْ بَعْدِ أنْ قد كانَ يُحْكِمُ قَتْلَها

ويُحيلها في زُمرةِ الأموات

الآن تشربه شرابًا سائغًا..

تنجو بلا ضرر ولا أزمات

إذ بعد إغراقِ المضادِ؛ تعوّدتْ

وجرى بهِنَّ تطوُّرٌ في الذَّاتِ

لتصير في شكلٍ جديدٍ آخرٍ

متطوِّرٍ في الفعل والقدرات

هذا فديتك ليس قولْ جرائدٍ

بل إنَّ هذا قولُ مختبراتِ

سيجيئنا جيلٌ من البكتيريا

جيلٌ يقاومُ طِبَّنَا؛ بِثَبَاتِ

وَلَئِنْ -معاذَ اللهِ- هذا قد جرى

فاقرأْ على ذاكَ الدوا صلواتي

بَطُلَ المضادُ مُبَدَّدًا تأثيرُهُ

حتى وإن صرفوهُ بالعشرات

واصبرْ.. لكي يأتي مضاٌد آخر!!!

من بعد آلافٍ من السنوات!!!!

يا قومُ، إن الأمرَ زادَ فَظَاعَةً

وتضاءَلَتْ في وصفه كلماتي

هلا انتبهنا؛ نحو ذلك؛ قبل أنْ

نبكي ونلطُمُ أوجُهَ الحسرات

إنَّ المريضَ يراك أنت دواءه

إن المريض يراك طوقَ نجاةِ

بل أنت يا دكتور في منظوره

شمسٌ.. تبدُد أحلكَ الظلمات

أنت الذي يمضي.. فيمضي سقمه

كن هكذا.. يا نبضَ كلِّ حياة