لطالما وقفت فضائية الأقصى ومنذ إنشائها عام 2006 كالشوكة الحادة كأنها سكين مسننة في حناجر بني صهيون، برغم ضعف إمكاناتها، وقلة مواردها، والتضييق عليها، فمرة يتم تخصيص غرف إلكترونية صهيونية للتشويش عليها لمنع وصول ترددها للفلسطينيين في الضفة حتى لا يعود بإمكانهم رؤية صورة المحتل واضحة جلية ببشاعتها وظلمها، ومرة أخرى بإدراجها على قوائم الإرهاب، أو بفرض العقوبات عليها وحظرها وغير ذلك، إلا لأن ذلك لم يفتَّ بعضدها، حيث استطاعت أن تحتفظ بمكانة لها في قلب كل إنسان ومسلم وعربي حر شريف يؤمن بالجهاد سبيلاً لدحر الاحتلال ووقف ظلمه ولجم جبروته.
منذ اللحظة الأولى وفضائية الأقصى تقف بعز عز نظيره في عالم الإعلام الذي يضج بالتدليس والتملق والخداع والالتفاف على الحق وأهله، ويحابي الأقوياء وذوي السلطان والجاه والمال، تحمل على عاتقها رسالة واضحة كالشمس، تُظهر حقيقة الصراع على ثرى الأرض المباركة ما بين محتل ظالم يجند العالم خلفه للدفاع عن جرائمه، وبين صاحب حقٍّ هُجِّر وشرِّد من أرضه، وما زالت آلة الفتك الصهيونية تعمل قتلاً فيه وتدميراً في كل ما يملك.. علها ترتاح منه إلى الأبد فتخلو لها الأرض تدنسها كيف تشاء وكيف يصور لها خيالها المريض.
تصمد فضائية الأقصى أمام الطوفان تدافع عن الحقيقة الغائبة، عينها ثابتة على الأرض المباركة وقضيتها العادلة وحق أهلها في مقاومة الأعداء حتى استعادة كامل التراب، وتنتصر للمظلومين أصحاب الحق والمضيَّق عليهم من بني جلدتهم وترفع صوتهم وتعليه ليسمعه العالم أجمع.
فضائية الأقصى (عينك على الوطن) لا تلون جلدها كالحرباء بحسب ما تقتضيه المصالح والسياسات ولا تشكل نفسها بحسب الأهواء والرغبات، بل نراها ترتكز على مبادئ ثابتة لا تغيِّرها بحسب المتغيرات على الأرض.
وما أروعها وأقواها من نبرة تنتشي بنشوة النصر، وتفيض عزيمة وهمة وإصرار على العمل والاستمرار، وتطاول على الأقزام الذين يظنون أن بإمكانهم هزيمة الحق وطمس صوته، حين يعمد الاحتلال إلى قصف مبناها بكراهية بغيضة وتدميره للمرة الثانية انتقاماً لكرامة المراقة على أعتاب غزة العزة، وتسوية مبناها بسطح الأرض، وتركه أثراً بعد عين، ثم يطلُّ علينا وخلال دقائق صحفيوها الأماجد بتحدي كبير يفيض عنفواناً ورفعة، يبثون خبر التدمير، ويؤكدون في الوقت ذاته على استمرار تواصل البث، ويعيدون الكرة تلو الكرة ببث فيديو تدمير حافلة الجند بصاروخ الكورنيت الذي أطلقته المقاومة – بارك الله بسواعدها المجاهدة- والذي أثار حنق قيادة جيش الاحتلال وفجَّر غضبهم وكراهيتهم، فتوهَّموا بأنهم قادرون على إسكات هذا الصوت المقاومة الهدَّار إلى الأبد.. قصفوا المبنى ودمروه، ولم يعتقدوا للحظة بأن صوتها سينتفض من وسط الركام كالموج الهادر يعلو ويقلب مراكبهم ويغرقها فيفضح هزائمهم وفشلهم الذي يبذلون جهدهم لإبقائه مستوراً طي الكتمان، وينقض كذبهم كما يُنقض الغزل.
ستبني السواعد الحرة مبنى جديداً لفضائية الأقصى وسيدعمها الأحرار من أهل الحق في كل مكان في هذا العالم الذي ما زال فيه بقية من خير، وسيعود المبنى أفضل وأجمل وأكثر تطوراً ومواكبة للمتطلبات العصرية مما كان عليه، وسيبقى صوت فضائيتنا الحبيبة صدَّاحاً في الأفق رغم أنف الحاقدين وكيد الكائدين.
تحية إلى الذراع الإعلامي المقاوم، تحية إلى فضائية الأقصى، تحية إلى كل العاملين فيها بشتى مسمياتهم ومستوياتهم الوظيفية، وأقول لهم دمتم صوتاً يقض مضاجع بني صهيون وينهك أعصابهم ويسلب الراحة من نفوسهم..