الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وأصحابه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد:
فإن تحرير فلسطين يحتاج منا إلى أن نبذل كل ما في وسعنا من طاقة، ومن قوة، ومن هبة جماهيرية واسعة تنطلق نحو الحدود لترهب العدو وتخيفه وتجعله مرتبكا،ً متوتراً، قلقاً،يحسب للفلسطيني ألف حساب. وهذا الحراك ضد الصهاينة يعزز فينا الصمود والثبات في مواجهة العدو المحتل لأرضنا ووطنا، ويجعل قضيتنا في الصدارة ، وبهذا النفس القوي والصمود الأسطوري والتمسك بحبل الله تعالى والسير على نهج الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم نستطيع تحرير فلسطين كل فلسطين. فالعدو الصهيوني لا يفهم إلا لغة القوة ، ولغة الشدة ، ولغة الحراك القوي المزلزل . ودعونا نتوقف مع أول طائفة -نقضت العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم - من طوائف اليهود في المدينة المنورةوهم بنو قينقاع الذين كانواصاغة وحدادين وقد توفرت لكل رجل منهم آلات الحرب، وكان عدد المقاتلين فيهم سبعمائة، وكانوا أشجع يهود المدينة، حيث كانوا يغترون بقوتهم ويظهرون الحسد والحقد والتحدي للنبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين وإعلانهم الحرب عليه وبخاصة بعدما انتصر المسلمون على قريش في غزوة بدر الكبرى. روى أبو داود في سننه عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: لَمَّا أَصَابَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قُرَيْشًا يَوْمَ بَدْرٍ وَقَدِمَ الْمَدِينَةَ جَمَعَ الْيَهُودَ فِي سُوقِ بَنِي قَيْنُقَاعَ فَقَالَ: «يَا مَعْشَرَ يَهُودَ أَسْلِمُوا قَبْلَ أَنْ يُصِيبَكُمْ مِثْلُ مَا أَصَابَ قُرَيْشًا». قَالُوا يَا مُحَمَّدُ لاَ يَغُرَّنَّكَ مِنْ نَفْسِكَ أَنَّكَ قَتَلْتَ نَفَرًا مِنْ قُرَيْشٍ كَانُوا أَغْمَارًا لاَ يَعْرِفُونَ الْقِتَالَ إِنَّكَ لَوْ قَاتَلْتَنَا لَعَرَفْتَ أَنَّا نَحْنُ النَّاسُ وَأَنَّكَ لَمْ تَلْقَ مِثْلَنَا. فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي ذَلِكَ (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (12) قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشَاءُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصَارِ (13) [آل عمران : 12 ، 13].
ودعونا نرى ما يصلح مع اليهود عندما ينقضون العهود والمواثيق ، وعندما يغترون بقوتهم، ها هو النبي صلى الله عليه وسلم يعلمنا كيفية التعامل معهم حيث استخلف النبي r أبا لبابة بن عبد المنذر على المدينة، وأعطى اللواء لحمزة بن عبد المطلب، وانطلق بجنوده صوب بني قينقاع، ولكنهم تحصنوا في حصونهم، فحاصرهم النبي r خمس عشرة ليلة حتى نزلوا على حكمه، فاكتفوا وهو يريد قتلهم. حتى تدَخَّل رأسُ النفاق عبد الله بن أبي بن سلول لإنقاذهم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بإجلائهم وطردهم من المدينة.
فلم تنفعهم قوتهم، ولا اغترارهم بأنفسهم، ولا حصونهم وأموالهم فرغم ما يملكون من مال وسلاح وحصون فإنهم لم يصمدوا أكثر من خمس عشرة ليلة.
ولذلك فلا يصلح مع اليهود إلا القوة، فهي اللغة الوحيدة التي يفهمها اليهود أما المفاوضات معهم فهي عبثية ولن تحقق شيئاً ولن تُرجع الحق لأصحابه.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.