فلسطين أون لاين

نظرات في حصار قريش للنبي ومن معه


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء وإمام المرسلين سيدنا ونبينا محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وأصحابه ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فقد تحدثنا في المقالين السابقين عن أهمية الصبر وفوائده في الإسلام، وعرفنا الثبات لغة واصطلاحًا، وبينَّا أهميته وعوامل بقائه، وفي هذا المقال سنعرف الحصار في اللغة والاصطلاح ونذكر أنواعه.

الحصار لغة: قال ابن فارس في مادة حصر: الحاء والصاد والراء أصلٌ واحد، وهو: الجمع والحَبْس والمنع، وقال الشيخ علي البُسْتاني: حصره يحصِره حَصْرًا: ضيَّق عليه، وحصر البلدَ الأعداءُ: أحاطوا بها.

وقال حسن موسى وعبد الفتاح الصعيدي: الحصر التضييق، والحبس عن السفر وغيره.

وأما الحصار اصطلاحًا فمعظم الموسوعات العربية تركز في تعريفها على الحصار العسكري.

ففي الموسوعة العربية العالمية عرَّفته بأنه: عمل دورية على سواحل بلد لعدو بالسفن الحربية والطائرات، لمنع البلد من تلقي السلع التي يحتاج إليها لشن الحرب.

وفي دائرة المعارف الحديثة عرَّفه أحمد عطية الله بقوله: هو اصطلاح عسكري يقصد به ضرب نطاق من القوات المسلحة المهاجمة حول موقع حصين كمدينة أو قلعة لتطويقها؛ تمهيدًا للاستيلاء عليها بعد استسلام الموقع للمهاجمين؛ بسبب انقطاع موارد المعيشة؛ نتيجة لقطع الإمدادات الواردة إليها من خارجها.

وممكن تعريفه بأنه التضييق والحبس والمنع الذي تقوم به دولة أو مجموعة دول ضد جماعة أو دولة لتحقيق أهدافٍ سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية أو كلها، والتضييق عليها للرضوخ لشروطها.

وأما أنواع الحصار: فقد أشارت الموسوعات العربية والكتب التي اهتمت بالمصطلحات إلى بعض أنواع الحصار، وهي:

الحصار البحري العسكري: وهو منع وحدات الأسطول البحري للدولة المحَارِبة وقواها الجوية الاتصال البحري مع مرافئ وسواحل بلاد العدو المحاصرح بُغْية شل حركة السفن الحربية الموجودة فيها، ومنع تموينها بالمواد الغذائية أو المعدات الحربية.

الحصار السِّلمي: وهو أن تعزل دولة بواسطة أسطولها البحري ثغور أو شواطئ دولة أخرى بقصد حمل الدولة المحصورة على إجابة مطالب الدولة المحاصِرة، وهو لا يؤدي إلى الاستيلاء النهائي على السفن التي تخرق الحصر، إذ يتعين الإفراج عنها بعد انتهائه.

الحصار الورقي: وهو حصار تُعلنه دولة لا تستطيع فرضه بالقوة.

وممكن إضافة أنواع أخرى من الحصار:

كالحصار السياسي والدبلوماسي: إذ تقطع الدول المحاصِرة أي علاقات دبلوماسية أو سياسية مع الدولة المضروب عليها الحصار؛ فتغلق السفارة، إن كان لها سفارة في الدولة المحاصرة، وتقطع أي علاقات دبلوماسية مع تلك الدولة، وتمتنع عن لقاء أي من ممثلي تلك الدولة، وغالبًا ما يكون هذا الحصار ممهدًا لإجراءات أخرى أو أنواع أخرى من الحصار تكون أشد قوة وأعمق أثرًا.

والحصار الاقتصادي: وهدفه منع وصول الأموال والحوالات المالية من البنوك المختلفة إلى الدولة المحاصَرَة، وتجميد أموالها لدى الدول المحاصِرة، وقطع أية علاقات تجارية، ومنع وصول السلع والمواد الغذائية إلى سكان تلك الدولة.

ولذلك نجد العدو الصهيوني ومِنْ ورائه أمريكا ومن لفَّ لفهم يحاصرون الشعب الفلسطيني

الأَبِيّ وحكومَتَه الرشيدة المنتخبة بصورة شرعية، سياسيًّا واقتصاديًّا وعسكريًّا، ليجبروا هذه الحكومة على الرضوخ لمطالبهم الجائرة المتمثلة بالاعتراف بالكيان المسخ، ونبذ المقاومة والتسليم بالاتفاقيات الظالمة بحق شعبنا.

للموضوع تتمة، والحمد لله رب العالمين.