في الثاني من نوفمبر الجاري، اقتحم 30 عنصراً من عناصر جهاز الأمن الوقائي التابع للسلطة برام الله منزل المواطنة سهى جبارة في بلدة "ترمسعيا" شمال مدينة رام الله لاعتقالها دون أي أوراق رسمية، وخلقوا حالة من الرعب في أوساط عائلتها، ومنذ ذلك الوقت لا تزال جبارة (30 عاما)؛ معتقلة بسجن السلطة بمحافظة أريحا، والتهمة أنها "تقدم مساعدة مالية لأسر شهداء وجرحى بغزة".
يروي مصدر مقرب من العائلة طلب عدم الكشف عن اسمه لصحيفة "فلسطين" تفاصيل اعتقال جبارة وهي أم لثلاثة أطفال، حيث أخبرهم الضابط المسؤول عن قوة الأمن الوقائي التي أتت لاعتقالها أن الاعتقال لن يتجاوز ربع ساعة، وإذا لم تخرج لهم سيأخذونها بالقوة.
وأضاف: "أمام التهديد غادرت سهى مع القوة الأمنية، في مشهد يحدث لأول مرة من أجهزة أمن السلطة، فلم يسبق أن حضرت كل هذه القوة لاعتقال امرأة، إلا من الاحتلال".
مرت ربع ساعة وساعتان وخمس ساعات ولم تعد جبارة لمنزل عائلتها، ما استدعى العائلة لزيارة مقر مباحث رام الله، متابعا: "هناك أبلغت العائلة أنها حُوِّلت إلى مقر اللجنة الأمنية في مدينة أريحا، وظلت 3 أيام والعائلة لا تعرف مصير ابنتها وماذا حدث معها".
استغربت العائلة، والكلام للمصدر، اعتقال جبارة في مقر اللجنة الأمنية كونه لا يضم قسما للنساء، وبعد ثلاثة أيام انتقلت جبارة لسجن أريحا، وأكمل: "استطاعت العائلة رؤية ابنتها، والجلوس معها، لكن بوجود عناصر من أمن السلطة".
وأخبرت جبارة عائلتها بأنها تعرضت للتعذيب والضرب بكل أنحاء جسدها، خاصة في منطقة الصدر رغم معاناتها من مرض القلب، ويواصل: "خلال الزيارة كشفت جبارة عن ساعدها وظهرت علامات كدمات قوية في راحة اليد وحتى منطقة الكتف".
"على مدار ثلاثة أيام من التحقيق، لم تستطع جبارة النوم إلا عشر دقائق فقط، من شدة ما تعرضت له من تعذيب وضرب، هددها الضباط بزيادة الضرب في حال أخبرت العائلة بما حدث معها" كما روى المصدر العائلي.
في بداية الاعتقال تحفظت العائلة على إصدار بيان للرأي العام، بهدف إنهاء الأمر، لكن مع مرور أكثر من أسبوع على اعتقال ابنتها، قررت اتخاذ جميع الإجراءات القانونية ضد أجهزة أمن السلطة بالضفة، متهمةً النائب العام بالتواطؤ مع تلك الأجهزة بسماحه باعتقالها في مقر اللجنة الأمنية، مع أنه من المفترض تحويلها إلى المحكمة وتوجيه التهمة لها، كما يقول المصدر.
وأوضح أن عناصر أجهزة أمن السلطة هددت سهى جبارة، بسجن والدها وشقيقها إن عينت فريق دفاع عنها، كما أجبروها على التوقيع على أوراق دون قراءتها تحت الضرب والتهديد بسجن عائلتها.
أمام تطور الأحداث ورفض السلطة الإفراج عن جبارة، حضر والدها وهو رجل أعمال فلسطيني يعمل في دولة بنما، أول من أمس، وأحضر معه سفيرة بنما في (تل أبيب) لزيارة جبارة والجلوس معها في سجن أريحا، لكن أمن السلطة رفض دخول السفيرة، التي وعدت العائلة باتخاذ خطوات قانونية ودبلوماسية ضد أمن السلطة، وفق المصدر العائلي.
مر أكثر من أسبوع على اعتقال جبارة ولا تزال غائبة عن أطفالها الثلاثة الذين أخفت العائلة عنهم حقيقة اعتقال والدتهم، وأخبروهم أنها في المشفى، ولكن استمرار غيابها دون تمكنهم من رؤيتها عاد بنتائج سلبية على نفسية أولئك الأطفال الذين يطلبون والدتهم.