فلسطين أون لاين

انتهى أكتوبر فهل ينتهي سرطان الثدي؟

"قبل خمس سنوات كنت حينها في الحادية والأربعين من عمري، تصادف وجودي في مركز صحي ووجود تثقيف صحي عن سرطان الثدي والفئات المعرضة للإصابة به وطرق الكشف عنه، وقد أخذت الممرضة تشجع النساء من تزيد أعمارهن على أربعين عامًا على التوجه سنويًّا لإجراء تصوير الثدي الإشعاعي، وحتى ذلك الوقت كنت أعدني محصَّنة من سرطان الثدي، فأنا غير متزوجة ولم أُنجب، وبذلك لم أُرضع صغارًا، فمن أين لي بسرطان الثدي إذن؟!، وفوجئت عندما وجدتني أُصنَّف من ضمن الفئة الخطرة المعرضة للإصابة.

بقيت طوال ذلك اليوم أفكر في الموضوع، فآثرت أن أنهي هذا الجدل الذي يدور داخلي وأتوجه لإجراء تصوير الماموغرافي، وقد كان ذلك اليوم يومًا فارقًا في حياتي، فقد لاحظت الطبيبة وجود تجمع خلايا سرطاني صغير جدًّا في مراحله الأولى في ثديي الأيمن، وأثبتت الخزعة أن السرطان ما زال في مراحله الأولى، وبدأت رحلة العلاج التي انتهت بعد عام ونصف، ومنذ ذلك الحين دأبت على إجراء فحوصات طبية كل ستة أشهر لأتحقق من سلامتي".

أعلنت شهر أكتوبر عام 2006م منظمة الصحة العالمية شهر التوعية بسرطان الثدي لدى النساء، واتُخذ من الشريط الوردي الذي يلتف حول نفسه من المنتصف شعارًا له، إذ تبدأ وزارات الصحة ومراكز وجمعيات الرعاية الصحية في العالم نشر التوعية الصحية اللازمة للمجتمعات البشرية عن هذا المرض الذي بات لا يستثني ذكرًا أو أنثى، ولا كبيرًا أو صغيرًا، ولا غنيًا أو فقيرًا، بات هذا المرض كالوحش الكاسر، يهاجم ضحاياه ولا يزال بهم حتى يقضي عليهم، إذا لم ينتبهوا جيدًا لاقترابه منهم وبدء هجومه عليهم.

يشهد شهر أكتوبر كل عام نشاطًا كثيفًا في التوعية لسرطان الثدي، وما إن ينتهى حتى تكاد هذه الحملات والنشاطات تتوقف، مع أن هذا النوع من السرطان يستمر في الانتشار، ليصيب مزيدًا من النساء، فيستفحل ويقضي على النساء اللاتي لم يلجأن إلى الكشف المبكر ويتلقين العلاج اللازم باكرًا.

يجب ألا يغيب عن أذهاننا أن سرطان الثدي يهاجم الذكور والإناث على حد سواء، لكن نسبة إصابة الذكور به قليلة جدًّا مقارنة بالإناث، إذ تصل لدى الذكور إلى أقل من 1%، ويصاب ذكر واحد بسرطان الثدي مقابل 100 امرأة، تزداد إصابة النساء بسرطان الثدي بتقدم العمر، إذ تزداد نسبة الإصابة بعد سن الأربعين، ويُسجل سنويًّا 1.38 إصابة جديدة، ويقتل سرطان الثدي نحو 458 ألف إنسان سنويًّا، حسب إحصائيات منظمة الصحة العالمية.

غالبًا ما يسترعي الانتباه وجود كتلة صغيرة في الثدي أو الإبط، أو تغير في شكل الحلمة وخروج إفرازات منها، وهو ما يشير إلى وجود السرطان، ووصول الكتلة إلى حجم يمكن لمسه باليد ينذر بتأَخُّر العلاج، فيجب على المرأة عدم انتظار تشخيص سرطان الثدي ليصبح هناك كتلة يمكنها أن تلمسها بيدها، بل يجب أن تفعل ذلك قبل وجود الكتلة، خاصة إن كانت من الفئات الخطِرة المعرضة للإصابة أكثر من غيرها بسرطان الثدي.

يجب تركيز الانتباه، إذا ما كانت هناك حالات إصابة بسرطان الثدي داخل الأسرة، فإذا وُجدت أم مصابة أو خالة أو جدة أو أخت أو أب ... إلخ (قرابة من الدرجة الأولى)؛ فعلى المرأة إجراء تصوير إشعاعي (ماموغرافي) سنويًّا يرافقه فحص (ألترا ساوند) بالأشعة فوق الصوتية، حتى إذا لوحظ بدء وجود تكلسات في الثدي شرع الأطباء في علاجها دون انتظار تحولها إلى كتلة يمكنها بسهولة أن تمتد إلى أماكن أخرى خارج الثدي.

ولابد أن تنتبه المرأة التي عولجت من التكلسات أو من كتل سرطانية صغيرة أن الأمر لم ينتهِ، بل عليها البقاء متيقظة؛ فقد تظهر التكلسات كرَّة أخرى، وقد تتحول إلى كتلة سرطانية، إذا لم تُعالج باكرًا.

والمرأة التي أنجبت في سن متأخرة أو لم تُنجب أصلًا، أو تلك التي لم ترضع، فإنها تكون أكثر عرضة للإصابة بسرطان الثدي من غيرها من النساء.

انتهى شهر أكتوبر، ولكن خطر سرطان الثدي ما زال قائمًا؛ فاحذري، فصحتك تهمنا جميعًا.