فلسطين أون لاين

​أوصى بأن يدفن بجوار صديقه الشهيد

عباس ترك رائحة الزهور لـ"شمّ" غاز الاحتلال

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

كان كغيره من البشر، شاب في مقتبل العمر يفضل التعامل مع الزهور على أي شيء آخر، أحب ملمسها الناعم بين يديه ورائحتها العبقة في أنفه، ورغم عشقه لها فضَّل في الأشهر الماضية رمي الحجارة الخشنة وشم الغاز المسيل للدموع.

إنه الشهيد محمد عصام عباس ذو الحادي والعشرين عامًا، الذي استشهد في جمعة "انتفاضة القدس" في أثناء مشاركته في مسيرة العودة الكبرى، محمد الذي دخل في الربيع الثاني من حياته قطف الاحتلال زهرة شبابه بعد أن أطلق عليه أحد جنود الاحتلال رصاصة مباشرة في الرأس.

محمد كان دائم المشاركة في مسيرات العودة، وكان يذهب إليها برفقة صديق الطفولة يزن الطوباسي، والذي سبقه بالشهادة في شهر مايو/ أيار الماضي، وهو ما زاده إصرارًا على مزيد من المشاركة في كل الفعاليات الخاصة بالعودة.

عصام عباس والد الشهيد حدثنا وهو ينتظر إخراج ابنه من مستشفى الشفاء، حيث جهزت له جنازة عسكرية خاصة، وهو ابن كتائب شهداء الأقصى، أن ابنه كان مصرًّا بشدة على المشاركة في كل الجُمع الخاصة بمسيرات العودة الكبرى.

وبين في حديث لـ"فلسطين"، أن بداية مشاركاته كانت مع صديقه منذ الصغر يزن الطوباسي إلى أن استشهد في مايو الماضي، مشيرًا إلى أن ابنه حزن على صديقه كثيرًا حتى أنه كتب في وصيته التي وجدناها بعد استشهاده، بأن يدفن بجوار صديقه.

وقال عباس: "لم أكن أستطيع منعه من الذهاب لمسيرات العودة، ورغم توسلاتي الدائمة له بأن لا يذهب إلى هناك، إلا أن عنفوانه الشديد وحبه لصديقه الذي كان دائم الترديد بأنه يريد أن يلحق به أكبر من أي شيء آخر".

وأضاف: "من خوفي الشديد عليه كنت أسعى مؤخرًا إلى جعله يسافر إلى إحدى البلدان التي يوجد لنا فيها أقارب، ليبتعد عن الخطر الذي كان يتهدد حياته في أثناء المشاركة في مسيرات العودة الكبرى".

ولفت عباس إلى أن خوفه زاد بعد أن أصيب محمد برصاصة في اليد في أثناء مشاركته في إحدى الجمع الخاصة بمسيرة العودة الكبرى، وأن رغبته بإبعاده عنها أصبحت هي جل همه وتفكيره في المدّة السابقة.

واستدرك: "ولكن قضاء الله كان أسرع وصدق نية محمد بالشهادة جعلته ينالها، وما أستطيع فعله حاليًا هو تنفيذ وصيته ودفنه بجوار صديقه يزن الطوباسي، والدعاء له بأن يجمعه الله معه في الجنان".

وكان محمد عباس أحد الشهداء السبعة الذين استشهدوا في أثناء مشاركتهم في جمعة "انتفاضة القدس" ضمن مسيرات العودة الكبرى والتي بدأت منذ 30 مارس الماضي وحتى الآن.

وكان الآلاف من الفلسطينيين قد توافدوا لمخيمات العودة المقامة شرق قطاع غزة للمشاركة في فعاليات الجمعة الـ29 لمسيرات العودة وكسر الحصار تحت عنوان "انتفاضة القدس".

وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية أن الإصابات التي تعاملت معها الطواقم الطبية قاتلة ومعقدة، وتشير إلى نية مبيتة لدى قوات الاحتلال الاسرائيلي لارتكاب مجزرة جديدة مع بدء توافد الجماهير المشاركة في الجمعة التاسعة والعشرين من مسيرات العودة وكسر الحصار السلمية شرق قطاع غزة.

وتابعت في إعلانها: "ما أدى إلى استشهاد 7 مواطنين وإصابة 252 مواطنًا بجراح مختلفة من بينها 50 طفلًا و10 سيدات ومسعفين و6 صحفيين"، مؤكدة أن هذا يأتي في غياب واضح للرقابة الدولية التي يتوجب عليها اتخاذ إجراءات فاعلة وحازمة لوقف الانتهاكات المستمرة بحق الشعب الفلسطيني.