فلسطين أون لاين

​بالريشة والألوان خديجة بشارات ترسم وجع الأغوارالشمالية

...
قلقيلية - مصطفى صبري

لم تجد الشابة خديجة بشارات "30 عامًا" من حمصة التحتا في الأغوار، إلا ريشتها ولوحتها داخل خيمة في قريتها لرسم اللوحات الفنية التي تنقل الواقع المؤلم لحياة البدو في الأغوار الشمالية.

الشابة خديجة بشارات أم لثلاث بنات، تخرجت من جامعة النجاح من كلية الفنون عام 2014، تقول في لقاء معها: "توجهت للرسم قبل عام بعد أن شاهدت جرائم الاحتلال بحق أبناء شعبي في الأغوار وباقي المناطق".

وتشير إلى أنها أنجزت ما يقارب العشرين لوحة، معظمها يحمل هم المواطن في الأغوار، فقريتها لا تبعد كثيرًا عن حاجز الحمرا سيئ الصيت والسمعة، الذي يفصل الأغوار عن باقي الأراضي الفلسطينية، "وقد عشت لحظات عصيبة خلال تنقلي أثناء الدراسة في جامعة النجاح، بعد إغلاق الحاجز العسكري والانتظار واستخدام الطرق الوعرة في طريقة التفاف طويلة عن الحاجز السيئ"، وفق قولها.

وتضيف بشارات: "الفلسطيني بالعموم يرفض الاحتلال والاستيطان، وكلٌّ يعبر عن طريقته, فأنا قبل رسمي للوحات أتطوع مع منظمة بتسليم لحقوق الإنسان وأوثق كل الانتهاكات".

وتوضح أن فكرة رسم اللوحة جاءت زيادة في وسائل التوثيق للعالم، وهذه اللوحات الموجودة داخل خيمة في بيتها هي من رموز التحدي والصمود، فالاحتلال لن يفلت من العقاب مهما طال الزمن، متابعة: "فنحن نعيش تحت وطأة احتلال غاشم وظالم وعنصري، فالدبابات التي تستخدم في الحروب تكون بجانب منازلنا المتواضعة، وكل المواثيق الدولية تجرم من يجري التدريبات وسط المواطنين الآمنين".

وتبين بشارات التي تنهمك عدة ساعات في رسم اللوحة أن أفكار اللوحات التي ترسمها بريشتها لا تحتاج إلى عناء طويل للبحث عن أفكارها؛ فواقع الأغوار المؤلم في ظل التدريبات العسكرية وعربدة المستوطنين وإغلاق المناطق ومنع التحرك، كلها مواد تتراكم أمام اللوحات الفنية، مضيفة: "فعلى جدول أعمالي رسم حاجز الحمرا وما يعانيه كل من يعبره، والدبابات الضخمة بجانب مضارب البدو المتواضعة، وهدم المنازل والخيام بصورة وحشية".

تقول بشارات: "الاحتلال يحارب الحياة في الأغوار، حتى يهاجر من فيها خارج الأغوار، ونحن نقاوم هذا التهجير بكل الوسائل والصمود"، مؤكدة أن لوحاتها جزء من هذا الثبات المتواصل للفلسطينيين في الأغوار، فكل شيء مصادر هنا، وهي تخشى على لوحاتها من بطش الاحتلال، الذي لا يستطيع تحمل من يوثق جرائمه على الأرض، وستبقى ريشتها صامدة أمام جبروت الاحتلال وانتهاكاته".

الحقوقي عارف دراغمة موثق الانتهاكات الاحتلالية في الأغوار، يقول: "شرعت الشابة خديجة بشارات، برسم لوحات تحكي قصة الوجع الفلسطيني اليومي بالأغوار، وترسم أيضًا عاداتٍ وتقاليدَ وتراثًا فلسطينيًا اندثر خلف الحضارة البائسة"، مبينًا أنها تحاول من خلال لوحاتها أن تحاكي الماضي وأن تعتاش من خلال رسوماتها.

ويتابع: "خديجة التي تسكن في خيم بسيطة دكتها جرافات الاحتلال أكثر من مرة، وتلاعبت بها أيضًا الظروف القاسية هي بحاجة لوقفة فلسطينية حقيقية، معها ومع صمودها وعائلتها, ومنذ سنوات أصرت أيضًا على التطوع لرصد انتهاكات الاحتلال بكاميرتها فكان لها بصمة في فضح سياسة الاحتلال".

ويختم بقوله: "خديجة تمثل حالة فلسطينية متقدمة في الصمود من خلال ريشتها وتطوعها في توثيق جرائم الاحتلال على الأرض، لذا نحن أمام قصة تحكي لنا كيف يصمد الفلسطيني في منطقة الأغوار".