فلسطين أون لاين

​الأم الشديدة.. هل تربي أبناءها أفضل؟

...
غزة/ هدى الدلو:

في كتاب "Mean Mom Rules" تؤكد الكاتبة دينيز سكيباني أن الأم عندما تكون من وجهة نظر صغارها وآخرين قاسية، فهذا يعني أنها تربي أبناءها جيدًا، وأن الشدة والصرامة في التعامل معهم ونظام تربيتهم أفضل من التدليل وتلبية كل متطلبات أطفالها التي من شأنها أن تفسدهم، وتجعلهم غير قادرين على مواجهة صعوبات الحياة.. فهل بالفعل الأم الشديدة تربي أبناءها أفضل؟ هذا ما نتحدث عنه في السياق التالي:

الاختصاصية النفسية أحلام سمور قالت: "كل إناء بما فيه ينضح، والأم مدرسة تسعى لغرس القيم والأخلاق الحميدة في الأبناء، وهذا هو الأصل، فالأم القوية الشديدة على أبنائها، والصارمة في قراراتها لديها توجه نحو أن الدلال وخاصة الزائد يصب في الاتجاه الخطأ للتربية، ولكن أيضًا القسوة الزائدة تؤدي إلى ذات التيار".

وأشارت إلى أن الأم الشديدة تحب، ولكنها عند تربيتهم تضع مشاعرها جانبًا من أجل تربيتهم تربية سليمة، فهي أم ذات شخصية قوية، حاسمة في قراراتها، ولا تضعف أمام متطلبات أطفالها وصراخهم.

وترى سمور أن بعضًا لديه نظرة للأم على أنها يجب أن تضحي من أجل راحة أبنائها وفي سبيل سعادتهم وتتعب من أجلهم، ولكن ذلك قد يعلمهم الأنانية وحب التملك، كما أن القسوة تولد لدى الأبناء الشعور بانعدام الثقة بالنفس، وعدم القدرة على اتخاذ القرارات الخاصة، كما أنَّ الطفل يكون دائمَ الخوف وسلبيًا.

وتابعت حديثها: "كما يتمثَّل هذا الأسلوب في فرض رأي الأم على الطفل، والوقوف أمام رغباته التلقائية والحيوية، دون تحقيقها، حتى ولو كانت مشروعة، وكذلك استخدام أسلوب العقاب البدني، أو التهديد به؛ ما يضر بالصحة النفسية للطفل، ويدفعه لاتخاذ أساليب سلوكية غير سوية؛ كالاستسلام، والهروب، والتمرد، والجنوح، والانحراف".

وأوضحت سمور أن الشخصية الانفعالية للأم والتوتر المصاحب للعقاب البدني، قد يعطل قدرتها على الحكم الموضوعي لحل المواقف، ويؤدي لمزيد من النتائج السلبية، سواء في مستوى نمو الطفل النفسي والاجتماعي، أو على مستوى طبيعة العلاقة بين الأم والأبناء، والدخول في دائرة من التفاعل السلبي.

ولفتت إلى أنه رغم أن لكل شخصية إيجابياتها وسلبياتها، إلا أن كفة سلبيات الأم الشديدة تكون هي الراجحة على حساب الإيجابيات، فالتسلط أو الاستبداد، قد لا يأتي من كره أو نبذ الأم للطفل، بل قد يكون ناتجًا عن اهتمامها وحبها له، لكنها يضطرها إلى الخضوع غالبًا لأنها تعتقدأن ذلك في مصلحته.

وبينت سمور أن الأم عندما تفرض قواعد على أبنائها وتنبيهات يجعلهم يعيشون في بيت مستقر ومريح، ويصبح كل شيء في البيت وفق قواعد وتعليمات، كما أن يتمتع الأطفال بنوع من الاستقلالية والقدرة على الاعتماد على الذات.

وختمت حديثها: "ولكن التأثير السلبي لشخصية الأم الشديدة والمتسلطة غالبًا ما تفتقر إلى العلاقات الاجتماعية الطيبة، سواء بين أفراد الأسرة، أو بين الأسرة والعالَم الخارجي، وهذا له نتائج سلبية على الطفل؛ مثل شعوره بالنقص، وعدم الثقة بالنفس، والشعور الحاد بالذنب، والارتباك، وينشأ طفل سهل الانقياد، وأقل قدرة على تحمل المسؤولية، ويميل إلى الانسحاب، لذلك يجب أن تنتبه الأم لطبيعة شخصية طفلها".