فلسطين أون لاين

​"لو قطعت رجلي بتعكز على صمودي"

الشهيد الرقب.. إعاقته الجسدية لم تمنعه من المشاركة

...
غزة - هدى الدلو

لم يكترث لحالته الصحية التي ولد بها منذ إعلان صرخته الأولى للحياة، ليكون ضمن فئة الأشخاص من ذوي الإعاقة، بل كان مُلِحًّا على الحضور والمشاركة الدائمة ضمن فعاليات مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، دفاعًا عن حقوقه، وتارة نصرة للقدس، حتى وصل لدرجة الارتقاء وتحصيل مرتبة الشهيد بجدارة.

الشهيد حسين فتحي الرقب (18 عامًا) من شرق خانيونس، جنوب قطاع غزة، استشهد أول من أمس متأثرًا بجراحه التي أصيب بها عصر يوم الجمعة الماضية، ليرتفع عدد الشهداء في جمعة الثبات والصمود إلى ثلاثة شهداء أحدهم طفل، وإصابة 376 مواطنًا.

قال والده: "رغم إصابة حسين بتشوهات خلقية وإعاقة لازمته منذ ولادته، إلا أنه كان من الملتزمين والمتمسكين بالذهاب والمشاركة في المسيرات، وكثيرًا ما كنتُ أحاول منعه خوفًا عليه وعلى صحته الضعيفة إلا أنه كان لا يلقي بالًا لأوامري ويقول لي "ما حد إله دعوة فيا"".

في الجمعة الأخيرة قبل ذهابه للمشاركة أهدى جواله لوالدته، فسألته: "وأنت بدك تضل من غير جوال؟" أجابها: "ليست مشكلة سأشتري واحدًا غيره".

وأضاف والده: "لا أعلم ما الخطر الذي كان يشكله حسين على جنود الاحتلال وهو من ذوي الإعاقة ويعاني تشوهات خلقية، فالجنود متمركزون خلف الكثبان الرملية وهو لا يستطيع أن يضرهم، إلى جانب أنه يشارك في المسيرة سلميًّا".

خلال مشاركته في المسيرة، كان يرافقه أخوه عماد من شدة خوفه عليه أن يصيبه أي مكروه، فبعد تناولهما طعام الغداء لم ينتظر حسين أذان العصر من أجل الذهاب إلى الحدود الشرقية، فذهب إلى أخيه عماد وأيقظه من النوم من أجل الذهاب معًا كما اعتادا، "حاولت إقناعه بالانتظار قليلًا فرفض"، فاستسلم له وخرجا.

وتابع عماد حديثه: "وقبل أن نسير قال لي: كان ودعت مرتك وأبناءك قبل أن تذهب"، وكان حسين يتقدم الصفوف وعين أخيه تراقبه من بعيد، وبين وقت وآخر ينادي عليه ليعود للوراء قليلًا، "ارجع بلاش يطخوا عليك"، فرد عليّ: "شو يعني بده يصير فيا، بدهم يطخوني برجلي ليست مشكلة، سأستمر في المشاركة وأتعكز على صمودي".

كان دائمًا يتمنى أن يرزقه الله الشهادة، وحب الوطن والدفاع عنه ليس بيده، بل يجري بشرايين دمه، فكان بمجرد سماعه للأناشيد الوطنية والثورية يتحمس للمشاركة، والوقوف في وجه الاحتلال للدفاع عن الأرض والتضحية من أجله، والحقوق بطريقة سلمية.

وأشار عماد إلى أن حسين اعتاد تقبيل رأس والدته قبل ذهابه للمشاركة، وفي حال حاول والداه منعه من المشاركة كان يتركهما يخلدان إلى النوم ثم يذهب.

وتابع حديثه: "يحاول الاحتلال الإسرائيلي باستهدافه للأشخاص من ذوي الإعاقة أن يكسر همتهم وإرادتهم"، وقد خضع حسين إلى ما يقارب 12 عملية جراحية بسبب التشوهات التي يعانيها جسدُه، وتنقل خلال تلك الحياة بين المستشفيات وأسرَّة المرض.

لم يكن حسين يشكل أي خطر على جنود الاحتلال، إلا أنهم تعمدوا إطلاق النار عليه، حيث أصيب بطلق ناري في بطنه أخرج وفتت جميع أحشائه، ليرحل شهيدًا كما تمنى، فقد عرف بين من حوله بطيبة قلبه، وكان محبوبًا بين الناس.