ضمت أم موسى أبو حسنين ابنها المسعف إلى حضنها، والتقطت معه صورة "سيلفي" خلال مشاركتها في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، قبل أن يبدأ رصاص جيش الاحتلال الانهمار على المشاركين في المسيرة.
أوقع عنف الاحتلال مصابين في صفوف الفلسطينيين، فهرع المسعف أبو حسنين ليلبي نداء الواجب بإنقاذ الجرحى، وكانت والدته تهرول خلفه خوفًا عليه، حتى أصيب أمام ناظريها، واستشهد إثر ذلك.
تلك الذكريات الصعبة التي اختزنتها ذاكرة أم موسى لم تمنعها من المشاركة الدائمة في مسيرات العودة، خاصة أنها ترى ذلك إكمالًا لمسيرة ابنها، وتأدية لواجبها الوطني تجاه حقها وحق اللاجئين في العودة، والعيش الكريم، وإنهاء الحصار المطبق على أنفاس الغزيين منذ 12 سنة.
قالت أبو حسنين لصحيفة "فلسطين": "قبل استشهاد موسى كنت أشارك في المسيرات، وبعد ارتقائه تعزز دافع المشاركة، وكأن شيئًا هناك يشدني إلى الذهاب، فلا بديل عن حق العودة، إنه أمر كالدم الذي يسري في شراييني".
وبينت أن نجلها كان يفتخر بأنها من المواظبات على المشاركة في مسيرات العودة، "ولكن اليوم أنا من أفتخر بما قدمه من واجب وتضحية لوطنه، ولإنقاذ أبناء شعبه المصابين" تابعت حديثها.
وأكدت أبو حسنين أن العزيمة والإصرار على المشاركة يزدادان لدى الأمهات بعد استشهاد أبنائهن، خاصة أنها طريقهم التي مشوا فيها، مبدية تصميمها على المشاركة، والسير على الدرب التي سلكها فلذة كبدها في الدفاع عن وطنه، وتأدية واجبه بإسعاف الجرحى.
رسالة صمود
كذلك صابرين النجار، والدة الشهيدة المسعفة رزان النجار، أصرت على إكمال طريقها في تقديم الإسعافات الأولية لجرحى مسيرات العودة شرق خان يونس، جنوب قطاع غزة.
وقالت لصحيفة "فلسطين": "كنت أشارك في المسيرات مشاركة سلمية من منطلق أنها واجب وطني، قبل استشهاد رزان، ولكن بعد ارتقائها غيرت مسار مشاركتي إلى حد ما، من مشاركة سلمية فحسب إلى الوجود في النقاط الطبية لتقديم المساعدة للمصابين والمسعفين أيضًا".
وذكرت النجار أنها تشارك إيمانًا بقضيتها وضرورة استرداد حقوقها، وعمل رزان الإنساني ورسالتها، وخدمة للمجتمع الفلسطيني الذي يواجه دائمًا انتهاكات الاحتلال.
وأشارت إلى أن وجودها فيه إثبات لهويتها الفلسطينية، وتأكيد لحق الفلسطينيين في نيل حقوقهم للعيش بكرامة، مؤكدة أنها ستكمل مشوارها الإنساني بكل ما أوتيت من قوة.
تابعت النجار: "مشاركة أمهات الشهداء في المسيرة رسالة للاحتلال بأن المرأة الفلسطينية لديها القدرة على ربط جرحها النازف لإكمال مشوار ابنها أو ابنتها الشهيدين"، مبينة أن استشهاد الأبناء يعطي أمهاتهم مزيدًا من القوة والإرادة لإكمال طريقهم.
ولفتت إلى أن وجود أمهات الشهداء في مسيرات العودة هو أكبر دعم للمشاركين فيها، ولقوتهم، وأنه وفاء لدماء الشهداء الذين ضحوا بحياتهم، قائلة: "أشد على يد كل أم شهيد أن لا تستسلمي لجرحك النازف، وحزنك؛ فاستشهاد أبنائكن كرم من المولى (سبحانه وتعالى)".
وأعربت عن سعادتها بوجودها في النقاط الطبية ومشاركتها في إسعاف جرحى المسيرة، وتقديم العون والمساعدة للمسعفين، فقد أدركت سبب تمسك رزان بهذا العمل الإنساني لخدمة المصابين من أبناء شعبها.

