تنتظر الثمانينية فاطمة أحمد، على أحر من الجمر كل يوم جمعة، لتشارك في فعاليات مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار السلمية، بمحاذاة السياج الفاصل بين قطاع غزة وفلسطين المحتلة سنة 1948.
وتترقب هذه المسنة، لحظة بلحظة موعد الانطلاق في كل مرة، قائلة لصحيفة "فلسطين": "لا تكاد الفرحة تسع قلبي وأنا أسير باتجاه خيام العودة في موقع ملكة شرق مدينة غزة".
وتضيف: "كلما اقتربت من الخيام شرق غزة ترتسم الفرحة على وجهى وأشعر بأن العودة إلى مدينتي الأصلية يافا باتت قريبة جدًا".
ولا تتواني الحاجة "أم نهاد"، في دعوة أولادها وأحفادها، وكافة أبناء الشعب الفلسطيني إلى المشاركة بفعاليات مسيرة العودة، للتأكيد على حقهم في وطنهم المسلوب والضغط على العالم لتطبيق حق العودة إلى قراهم ومدنهم التي هجرتهم منها العصابات الصهيونية سنة 1948.
وتنحدر أحمد، من حي رشيد بيافا، التي تشتاق لرؤيتها والجلوس تحت أشجار برتقالها، وتسير في شوارعها، وتشتم هواءها العليل، مشيرة إلى شعورها خلال مشاركتها في المسيرة بقربها من مدينتها التي حرمها الاحتلال منها.
وتسرد مشاهد النكبة وجرائم الاحتلال التي مارسها الأخير بحق الشعب الفلسطيني إبان النكبة، قائلة: "خرجنا من منازلنا قسرا، متوجهين إلى ميناء يافا بسبب القصف الصهيوني الذي استهدفنا".
مشاهد الجرائم التي ارتكبتها العصابات الصهيونية في يافا آنذاك، لا تزال عالقة في ذهنها حتى اللحظة.
وتشير إلى أن العصابات الصهيونية هجرتها وأسرتها، فيما كانت هي تحتضن شقيقها يعقوب الذي يصغرها سنًا و"بابور الكاز" الذي استخدمته والدتها حينها لطهي الطعام، حتى وصلوا إلى ميناء يافا بانتظار نقلهم إلى مكان آمن يحميهم من بطش هذه العصابات، التي لم تتوقف عن استهدافهم.
وتتابع: "انتظرنا على الشاطئ وإذ بالبحر يهيج ويعلو موجه وكأنه حزين على فراقنا ويرفض تهجيرنا، لحين أتت باخرة لتلقنا إلى لبنان، ومنها إلى سوريا بالشاحنات، ثم إلى مصر بباخرة أخرى، وصولًا إلى قطاع غزة، ليبدأ فصل اللجوء الكامل هنا".
وتواصل أحمد، سرد تفاصيل الهجرة من يافا وصولًا إلى غزة بأدق تفاصيلها وكأنها لا تزال تراها.
وفي هذه المرحلة، تحرص "أم نهاد" على المشاركة في فعاليات مسيرة العودة، رافعة علم فلسطين، لتؤكد للعالم أنها صابرة صامدة ولن تتخلى عن حقها في العودة إلى أرض الآباء والأجداد ولترسل رسالة لكافة أحرار وشرفاء العالم للوقوف إلى جانب شعبنا الفلسطيني للمطالبة بحقوقه العادلة.
وتؤكد هذه السيدة التي عملت مدرّسة في مدارس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، لـ42 عامًا، أنها لا تخشى الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع التي يطلقها جيش الاحتلال على المشاركين في المسيرة السلمية، وأنها ستواصل الزحف لحين العودة إلى يافا.
ووفقا لوزارة الصحة في غزة، استشهد منذ انطلاق مسيرة العودة وحتى الثامن من الشهر الجاري، 173 فلسطينيا، وأصيب 19600 آخرون.

