معركة جديدة يخوضها حراس المسجد الأقصى ضد محاولات الاحتلال تفريغ دورهم في التصدي لاقتحامات المستوطنين، فبات خط الدفاع الأول عن المسجد الأقصى مهددًا فعليا تحت الضرب والاعتقال والإبعاد ضمن مساعي الاحتلال لفرض واقع جديد بالقدس.
بالتكبير والتضييق واعتراض الطريق، كان المرابطون والحراس يواجهون المستوطنين بعد انتهاء انتفاضة الأقصى، وتكرس ذلك عام 2009 مع نشأة مصاطب العلم، لكن مع حظر الاحتلال لمؤسسات الرباط عام 2016 ثم الحركة الإسلامية في الداخل المحتل، غاب دور المؤسسات التي كانت تبذل جهوداً في التصدي للمستوطنين المقتحمين للأقصى.
وبات الناشطون المقدسيون الموظفون في الأوقاف وحراس الأقصى هم سنده المتبقي، فاستحدث الاحتلال تهمة الانتساب إلى "تنظيم الأقصى" ليلصقها لكل شباب القدس المهتمين بالأقصى المدافعين عنه.
تفريغ ممنهج
ومنذ هبة باب الأسباط في يوليو/ تموز 2017 تعرّض دور حرّاس الأقصى لتفريغٍ ممنهج، فأصدر الاحتلال تعليمات تسمح لحارسين للوجود في الأقصى خلال جولات اقتحامات المستوطنين، بعد أن كان يسمح بوجود عشرة حراس، بالإضافة لتعليمات أصدرها الاحتلال مؤخرا تجبر الحراس على المشي وراء آخر جندي إسرائيلي مرافق لجولة الاقتحام على مسافة بعيدة لمنع توثيق ما يقوم به المستوطنون من صلوات تلمودية.
حارس الأقصى حمزة نمر الذي تعرض للضرب والاعتقال والإبعاد عن الأقصى، يقول: إن سياسة الاحتلال بحق الحراس تهدف للسيطرة والتحكم على المسجد الأقصى.
نمر الذي أدانته المحاكم الإسرائيلية بضرب ضابط إسرائيلي، بعد قيام الأخير بالاعتداء على مرابطة مقدسية، كلفه ذلك الابعاد عن الأقصى لعام ونصف العام على فترات مختلفة، والاعتقال لعدة شهور، لافتا إلى أن محاكمة إسرائيلية رابعة تنتظره في ديسمبر/ كانون أول القادم.
وأوضح نمر أن حراس المسجد الأقصى لا يستطيعون منع المستوطنين من اقتحام الأقصى، لذا فإنهم يرافقون المستوطنين خلال اقتحاماتهم خوفاً من قيامهم بسرقة أي مقتنيات من الأقصى، أو أداء صلوات تلمودية.
واقع جديد
الباحث في شؤون القدس محمد ذياب بيّن أن الاحتلال بدأ محاولاته بتفريغ دور حراس الأقصى، منذ ثمانينيات القرن الماضي بعد نشر شرطة الاحتلال في البلدة القديمة وعلى مداخل وأبواب الأقصى، والذي هدف لحماية المستوطنين المقتحمين ليكون لهم موضع قدم داخل المسجد.
وقال ذياب لصحيفة "فلسطين": "إن شرطة الاحتلال وصلت لمراحل متقدمة من السيطرة على الأقصى، يتجلى ذلك في أيام الأعياد اليهودية التي تشهد اقتحامات جماعية يومية من المستوطنين لباحات المسجد الأقصى بأعداد كبيرة".
وأوضح أن عملية التفريغ الممنهج للحراس تتم من خلال الاعتقال والإبعاد والضرب وفرض غرامات مالية وتحذيرات من عدم مزاولة أعمالهم، لبث الخوف في صفوفهم كلما حاولوا التصدي للمقتحمين.
وبين أن اعتداءات الاحتلال على الحراس تشير إلى عملية تفريغ وإحباط، لجعل المتطرفين اليهود يؤدون شعائرهم التلمودية بكل أريحية، وهذه مرحلة من مراحلة الاستيلاء والسيطرة على الأقصى، محذّرًا من أن المراحل القادمة صعبة والمستهدف فيها الأقصى لوضع قدم لليهود فيه.
من جانبه، حذر المتحدث باسم الأوقاف الإسلامية فراس الدبس، من خطورة قيام سلطات الاحتلال بتضييق الخناق على دائرة الأوقاف الإسلامية، بالاعتداء على حراس الأقصى.
ولفت الدبس في حديثه مع صحيفة "فلسطين" إلى ما حدث يوم الثلاثاء الماضي حينما قامت شرطة الاحتلال بتحويل المسجد الأقصى لثكنة عسكرية والاعتداء بالضرب على المصلين والحراس الذين حاولوا التصدي لاقتحامات المستوطنين، واعتقال بعضهم.
وقال: "إننا ننظر بخطورة وقلق تجاه مخططات الاحتلال لمحاولة فرض واقع جديد بالأقصى يسمح بأداء صلوات تلمودية بالأقصى والسماح للمستوطنين بالعبث والخراب بالأقصى".
وأشار الدبس إلى أن الهجمة الشرسة على الحراس بدأت منذ 5 سنوات، وفي كل عام يزداد الاعتداء على الحراس مع تزايد الاقتحامات اليومية تحت ما يسمى الأعياد اليهودية، مؤكداً أن الأوقاف الإسلامية هي صاحبة الوصاية على الأقصى ولا شأن لحكومة الاحتلال به.

