داخل أروقة قسم غسيل الكلى في مجمع الشفاء الطبي، بمدينة غزة، تتكئ المريضة حياة جربوع، على كرسي المرض، بينما تتصل بيدها أنابيب نقل الدم من وإلى جهاز غسيل الكلى.
ارتفع صوت جهاز غسيل الكلى الطبي الذي بدأ بتنظيف دم جربوع (64 عامًا)، في ظل خشية ابنها محمد من توقف الجهاز عن العمل بسبب أزمة الكهرباء جراء نفاد كميات الوقود المشغلة لها.
وكانت وزارة الصحة الفلسطينية بغزة حذرت، في وقت سابق، من توقف عمل المولدات الكهربائية داخل كبرى مستشفيات قطاع غزة جراء نفاد كميات الوقود المشغلة لها؛ في ظل استمرار أزمة الكهرباء.
موت بطيء
ويقول جربوع المرافق لوالدته لصحيفة "فلسطين": إن توقف الكهرباء يعني تعرض والدته إلى الخطر أو وفاتها لا قدر الله.
وتحتاج جربوع، إلى إجراء ثلاث عمليات غسيل كلوي أسبوعيًا بواقع أربع ساعات للجلسة الواحدة.
وأخذت المسنة جربوع، تدعو الله عز وجل، أن تنتهي الأزمة ويتم توريد الوقود اللازم لوزارة الصحة، بالإضافة إلى توفير الأدوية التي تحتاجها، مشيرة إلى أنها لم تتلق أدوية نقص الكالسيوم في العظام منذ نحو شهر بسبب نفاده.
وفي الغرفة المجاورة لجربوع، يجلس الثمانيني محمد خالد على سرير المرض، داعيًا كافة المعنيين لتحييد القطاع الصحي عن كافة الخلافات والتجاذبات السياسية، وتوفير احتياجات المرضى في ظل شح الأدوية والوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية في ظل الأزمة الكهربائية.
ويشير خالد، الذي بدا عليه التعب والإرهاق قبل أن يجري عملية الغسيل الكلوي، إلى أنه يجري ثلاث عمليات غسيل أسبوعيًا، وفي حال تأخره عن موعده المحدد يشعر بالتعب الشديد وعدم المقدرة على الحركة أو التركيز.
ويعاني خالد من فشل كلوي منذ ثلاث سنوات، بالإضافة إلى هشاشة في العظام لعدم تناوله العلاج المناسب بسبب عدم توريده لمستشفيات القطاع، مشيرًا إلى أن عدم توريد الأدوية والوقود الخاص بالمرضى بمثابة الحكم عليهم بالموت البطيء.
العلاج بالخارج
من جهته، حذر مسؤول قسم الحضانة في مجمع الشفاء الطبي بغزة د. ناصر بلبل، من كارثة قد تطال الأطفال الخدج في حال توقف الكهرباء الناجم عن شح الوقود اللازم لتشغيل المولدات الكهربائية.
وقال بلبل لصحيفة "فلسطين": "إن عدم توفر التيار الكهربائي في قسم حضانة الأطفال على مدار الساعة قد يؤدي إلى وفاة جميع الحالات التي تعتمد على أجهزة التنفس الاصطناعية".
وبين أنه يتم وضع نحو 15 طفلا بشكل يومي على أجهزة التنفس الاصطناعية داخل القسم، مؤكدًا أن قطع التيار الكهربائي للحظات قد يتسبب بكارثة صحية ويؤدي ذلك لإرباك العاملين بالقسم وتعريض حياة المواليد للخطر.
وذكر أنه بسبب أزمة الأدوية يتم نقل الأطفال للعلاج بالخارج، مشيرًا إلى أن "دائرة العلاج بالخارج التابعة للوزارة في رام الله، تتأخر في الرد على تحويل الأطفال المرضى إلى الخارج بحجة وجود مشاكل في السفر الأمر الذي يعرضهم للوفاة".
وبين أنه يتم تحويل طفل أو اثنين بشكل شهري للعلاج في الخارج، بحسب بلبل، الذي بين أن قسم حضانات الأطفال في مجمع الشفاء الطبي يضم 34 سريرًا، في حين تبلغ احتياجات القسم إلى 120 حضانة -سرير-.
وتحتاج مستشفيات وزارة الصحة في قطاع غزة إلى 450ألف لتر من الوقود بشكل شهري، في ظل انقطاع التيار الكهربائي لـ12 ساعة متواصلة، بحسب وزارة الصحة.
ويبلغ عدد المستشفيات المنتشرة في مختلف محافظات قطاع غزة والتابعة لوزارة الصحة 13 مستشفى و54 مركزًا صحيًا، و22 إدارة ووحدة ومرفقًا صحيًا.
ويعاني قطاع غزة، من أزمة نقص الأدوية وأزمة كهرباء حادة منذ 11 عامًا، بسبب قلة مصادر الكهرباء المتوفرة بالمقارنة مع احتياجات السكان التي تزيد عن 400 ميجا وات، إضافة لاستمرار توقف المحطة بين حين وآخر، ما يسمح بوصل التيار أربع ساعات فقط مقابل 12 ساعة قطع.

