على الرغم من القفزة الكبيرة التي سجلتها ودائع بنوك قطاع غزة خلال فترة حرب الإبادة الجماعية، يؤكد مختصان اقتصاديان أن النمو لا يعكس تحسنًا حقيقيًا في الوضع الاقتصادي أو المالي، بل هو نمو رقمي ناتج عن ظروف قسرية واستثنائية فرضتها الحرب المستمرة.
المختص الاقتصادي د. ماهر الطباع قلّل من حجم ودلالة الارتفاع الحاد في الودائع البنكية، موضحًا أن الزيادة لا تعبر عن توسع في النشاط الاقتصادي أو تحسن في دخول المواطنين، وإنما جاءت نتيجة أسباب حقيقية ومباشرة مرتبطة بتعطّل النظام المصرفي وشلل الحركة النقدية.
وأشار الطباع، لصحيفة "فلسطين"، إلى أن ودائع بنوك قطاع غزة ارتفعت من 1.745 مليار دولار في أكتوبر 2023 إلى نحو 4.84 مليارات دولار في أغسطس 2025، وهو ارتفاع لافت من حيث الأرقام، لكنه ـ بحسب تعبيره ـ «نمو إجباري» فرضته الحرب وليس خيارًا ماليًا ناتجًا عن الثقة أو الادخار.
وبيّن أن إغلاق كافة البنوك طوال فترة الحرب التي امتدت قرابة عامين حال دون تمكّن المودعين من سحب أموالهم، ما أدى إلى تكدّس السيولة حسابيًا دون أثر فعلي في السوق، إلى جانب النقص الحاد في النقد المتداول.
كما ساهم استمرار إيداع الرواتب الشهرية لموظفي القطاعين العام والخاص في تراكم الأرصدة البنكية، إلى جانب الاعتماد الواسع على الدفع الإلكتروني، وتحويلات المغتربين، والمبالغ الخاصة بالمشاريع الإنسانية، ومبيعات العقارات.
في المقابل، دعا الخبير الاقتصادي محمود العف البنوك في قطاع غزة للعب دور أكبر تجاه الاقتصاد المحلي، مؤكدًا ضرورة أن تتجاوز دورها التقليدي في حفظ الأموال لتصبح شريكًا فاعلًا في دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة وتمويل أنشطة الإنتاج والتشغيل.
وقال العف لصحيفة "فلسطين": «على البنوك أن تتحول من كونها مجرد مستودع للأموال إلى محفّز للنشاط الاقتصادي، من خلال برامج تمويلية ذكية تواكب احتياجات غزة وتخفف من وطأة الحرب على الاقتصاد المحلي".

