فلسطين أون لاين

في حوار مع صحيفة عبريّة...

كيف حسم الأمير تركي موقف السعودية من التطبيع مع "إسرائيل"؟

...
الأمير تركي بن فيصل، الرئيس السابق لجهاز المخابرات السعودي
متابعة/ فلسطين أون لاين

صرّح الأمير تركي بن فيصل، الرئيس السابق لجهاز المخابرات السعودي، لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" بأن المملكة العربية السعودية لا تفكّر حاليًا في تطبيع العلاقات مع "إسرائيل"، مؤكّدًا أن ذلك لن يحدث إلا إذا بدأ الاحتلال الإسرائيلي بالتصرّف كدولة طبيعية تحترم القانون الدولي.

وقال الأمير تركي، في مقابلة مع الصحيفة أُجريت الأحد الماضي، إن "المملكة العربية السعودية لا تنظر في اتفاقية تطبيع مع "إسرائيل". وإذا أصبحت "إسرائيل" دولة طبيعية تقبل القانون الدولي، فحينها ستنظر المملكة العربية السعودية في التطبيع".

وذكرت الصحيفة أن هذه التصريحات، التي أدلى بها الأمير تركي في لقاء نادر مع وسائل إعلام إسرائيلية، تُعد دليلًا إضافيًا على مدى بُعد السعودية، بوصفها دولة عربية وإسلامية رائدة، عن إقامة علاقات مع "إسرائيل"، رغم الرغبة الشديدة لواشنطن في ذلك.

وأضافت أن الأمير تركي معروف بتبنّيه لهجة أكثر حدّة تجاه "إسرائيل" مقارنة بالموقف الحكومي في السنوات الأخيرة، إلا أن مواقفه تعكس الموقف الرسمي للرياض من العلاقات مع "إسرائيل".

وتولّى الأمير تركي منصب المدير العام لجهاز المخابرات العامة السعودي بين عامي 1979 و2001، قبل أن يشغل منصب سفير المملكة لدى بريطانيا والولايات المتحدة لفترات أقصر.

ومنذ تقاعده من الحياة العامة، يواصل إسهاماته في الشؤون الدولية، ويشغل حاليًا منصب رئيس مركز البحوث والدراسات الإسلامية التابع لمؤسسة الملك فيصل.

ورغم أن المسؤولين السعوديين يتبنون عمومًا سياسة عدم التواصل مع وسائل الإعلام العبرية، وافق الأمير تركي على الإجابة عن سلسلة من الأسئلة المتعلقة بآفاق اتفاقية تطبيع محتملة مع "إسرائيل".

وفي رده على سؤال حول الشروط التي تضعها الرياض لإقامة علاقات مع "إسرائيل"، في ظل الحديث عن ضرورة إقامة دولة فلسطينية مقابل الحديث عن "مسار" نحو حل الدولتين، قال الأمير تركي إنه "لا يوجد أي تناقض".

وأضاف، أن تحقيق حل الدولتين يتطلب مسارًا جادًا وموثوقًا يقود إلى الهدف النهائي، وهو إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، كما نصّت عليه مبادرة السلام العربية لعام 2002، ورؤية السلام المطروحة للتسوية النهائية للصراع.

وأشار إلى، المقترح المدعوم سعوديًا لحل الدولتين على أساس حدود ما قبل عام 1967، إلى جانب حل "عادل ومتفق عليه" لقضية اللاجئين الفلسطينيين، وهي شروط رفضتها الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة.

وأضاف أن تطبيع العلاقات مع "إسرائيل" كان مشروطًا بالتوصل إلى حل نهائي وعادل للقضية الفلسطينية، وأن الحديث عن "المسار" يعني ضرورة وجود عملية سلمية موثوقة تفضي إلى هذا الحل النهائي، بمشاركة أطراف دولية وإقليمية، من بينها السعودية.

وتابع، أن هذا كان الحال بعد مؤتمر مدريد للسلام عام 1991، عندما انخرطت السعودية، إلى جانب دول عربية أخرى، في تلك العملية، لكن جميع الجهود باءت بالفشل، مؤكدًا أن "إسرائيل" لم تكن مستعدة لدفع ثمن السلام.

وقال الأمير تركي إن العقلية السائدة في "إسرائيل" اليوم تجعل كل خطوة نحو السلام قابلة للتراجع وغير محددة زمنيًا.

وأوضح أن السلوك الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية وسوريا ولبنان، وتراجعه عن التزاماته بوقف إطلاق النار، وتصريحاته بشأن "إسرائيل" الكبرى"، لا يدعو إلى الثقة بـ"إسرائيل".

وأضاف الأمير تركي أن كسب الثقة يتطلب من "إسرائيل" الالتزام بقواعد القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي.

وحول ما إذا كانت السعودية تُخاطر بإغضاب ترامب برفض التطبيع، قال الأمير تركي إن المملكة تبني سياستها الخارجية على مصالحها الوطنية، لا على ضغوط الآخرين، مشيرًا إلى أن ولي العهد أعلن الموقف السعودي علنًا في البيت الأبيض بحضور ترامب، دون أن يُبدي الأخير انزعاجًا.

وفيما يتعلق برؤية الرياض للفائدة الاستراتيجية من العلاقات مع "إسرائيل"، قال الأمير تركي إنه لا توجد فائدة من تطبيع العلاقات مع دولة لا تتصرف بشكل طبيعي وسلمي مع جيرانها.

كما رفض تحميل السلطة الفلسطينية مسؤولية فشل عملية السلام، مؤكدًا أن "إسرائيل" تتحمل المسؤولية بسبب سيطرتها على مختلف جوانب الحياة في الأراضي الفلسطينية.

وختم الأمير تركي بالقول إن المفارقة تكمن في أن العالم العربي غيّر موقفه من عدم الاعتراف بـ"إسرائيل"، في حين غيّرت "إسرائيل" موقفها من قبول حل الدولتين، مشددًا على أن أي بديل لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو يجب أن يقبل هذا الحل، باعتباره قرارًا يعود للشعب الإسرائيلي.