فلسطين أون لاين

صيادو غزة يبحرون على أمل فيُلاحَقون بالنار

...
غزة - جهاد أبو راس

الساعة الثامنة صباحًا في ميناء غزة، الصيادون وشباكهم ورائحة البحر، ورائحة السلاطعين تعلو فوق كل رائحة، ويرافق المشهد معاناة مجموعة من الصيادين الجالسين على شاطئ البحر يشكون له حالهم، ويرمون أمام أمواجه المتلاطمة همومهم، ويروون قصصًا من معاناتهم، التي يتكبدونها في هذه المهنة الشاقة للحصول على لقمة عيشهم التي باتت مغمسة بالشقاء والألم والتعب.

حسام أبو الصادق 30 عاماً يعمل في مهنة الصيد منذ عشر سنوات يقول: "الاحتلال سمح لنا منذ مدة قصيرة بالتوسع من ثلاثة أميال إلى تسعة أميال مما فتح لنا باب الرزق، فظهر سمك السلطان والسلطعون والمليطي والجمبري".

يشار إلى أن الاحتلال الإسرائيلي أصدر الخميس الماضي قرارًا بتقليص مساحة الصيد إلى ثلاثة أميال بحرية لتشديد الحصار مجددًا على قطاع غزة، فيما كانت مساحة الصيد تصل إلى الأميال التسع البحرية وقت إجراء المقابلات الواردة في التقرير.

ولفت أبو الصادق إلى أن الصيد مرتبط دومًا بالاحتلال الإسرائيلي، فالقضايا السياسية تنقلب على الشعب المحاصر من جميع الأماكن براً وبحراً وجواً, "والصياد غلبان ينتظر موسمًا لكي يحصل على رزقه فعند عودتنا أميالًا بحرية للخلف يقل الصيد"، وفق قوله.

وقال: "في شهر إبريل/ نيسان يكون موسم السردين والسكمبلة والمليط والقلام, لكن هذا الموسم لم نستطع استثماره والصيد فيه بسبب الاحتلال وحصاره"، مشيرًا إلى أنه ما بعد الضيق إلا الفرج ففي بداية شهر أيلول / سبتمبر تساهل الاحتلال قليلاً في السماح بفتح البحر للصيادين فأصبح حال الصيد أفضل قليلاً من الأشهر السابقة وأسعار الأسماك أصبحت مناسبة للتجار".

وأشار أبو الصادق إلى أن سمك السلاطعين موجود باستمرار لكنه يكثر في أشهر يونيو/ حزيران، ويوليو/ تموز، وأغسطس/ آب, مضيفًا: "أصبح اللنش – المركب - يمتلئ بالسلاطعين بما يعادل 200 لـ300 كيلوجرام في اليوم الواحد، وفي بقية أيام العام تكون كميتها أقل بما يعادل 50 لـ 60 كيلوجرام في اليوم الواحد".

وأوضح أن السلاطعين ثلاثة أنواع (لنش جر ولنش شنشوله ولنش غزل), وأن هناك صيادين على حسكة المجداف مخصصين للسلاطعين, وأنه في نوع لنشات الجر يصطاد من 200 لـ 300 كيلوجرام من السلاطعين يومياً, ولكن الأغلبية تكون لنوع الجر لأنه يبدأ من الساعة السادسة صباحاً حتى الساعة الخامسة صباحاً من اليوم التالي أي ما يقارب 23 ساعة والشباك في البحر.

وبين أن السلاطعين مفيدة جداً لصحة الإنسان، فهي تحتوي على فسفور يقوي الدم، وجهاز المناعة، والجهاز الهضمي، إلا أن كثرتها مضرة لمرضى الضغط، فينصح بعدم الإكثار من تناول السلاطعين لأنها ترفع الضغط وربما تؤدي إلى غيبوبة.

وخلال حديثه نبه إلى أنه توجد شبكة مخصصة للسلاطعين في كل حسكة مجداف، وتكون غزلة الشبكة من 300 إلى 400 متر، ويضعها الصيادون في عرض البحر وفق تقدير معين لهم، لأن السلاطعين تكون شرق البحر وليس غربه.

ويضع الصيادون الشبكة - وفق قوله - في البحر ويصطادون "البوكسة" بوزن من 10 لـ 20 كيلوجرام ومن ثم يبيعونه, إضافة إلى أن سلاطعين غزة تتميز بأنها أطيب وأنظف سلاطعين لأنها لا تكون مدعوكة مثل الجر, فالجر يمكث حوالي 3 ساعات والصياد يقوم بجره محاولاً إخراج السمك, وتوضع شبكة السلاطعين بالمياه ويخرجها الصياد في اليوم الثاني من وضعها، فيخرج السلطعون وهو يتحرك ونظيف.

وأخيراً يشير إلى أن جميع الصعوبات التي تواجههم هي بسبب الاحتلال, حيث إنه إذا اقترب اللنش قليلاً حتى لو كان في المنطقة المسموحة، فيعتدون باستمرار بإطلاق النار صوبهم وإصابة الصيادين وملاحقتهم واعتقالهم, مما يضطر الصياد المغلوب على أمره للرجوع إلى شاطئ غزة.