فلسطين أون لاين

​منذ عشرين عامًا أبيع البقدونس والجرجير

...
صورة أرشيفية
غزة / شيماء العمصي

"أم سليم"، امرأة مسنة تبلغ من العمر 60 عامًا، وجهها تخطه منحنيات كثيرة من آثار تعرضه للشمس, ولا تجد وسيلة لرزقها سوى افتراش أرضية سوق النصيرات لبيع البقدونس والجرجير على ظهر قفص مقلوب على اﻷرض.

وهي قصة كفاح وصبر على مدار عدة سنوات، رفضت الإعانات، وبحثت لنفسها عن مكان ثابت في السوق, تبيع للزبائن وتحصل على قليل من المال يكفيها ويسد حاجتها، ويغنيها عن السؤال, تحمل إنتاجها كل يوم وتتجه نحو السوق.

مراسلة فلسطين كانت تراها في نفس الموعد خلال أیام متفرقة من الأسبوع, ولم يكن التأخير من البائعة إنما من المراسلة التي كانت طالبة جامعية آنذاك، ولا تستيقظ مبكرًا.

تقول مراسلة "فلسطين: "كنت أرقب خطوات تلك المرأة وأتعجب لماذا اختارت ھذا العمل بالذات؟ ولماذا تذھب في ھذا الوقت الذى یحلو فیه النوم؟ فعن نفسي لم ألجأ لهذا الموعد باختیاري فقد فرضته عليّ الجامعة بسبب المحاضرات المبكرة وعلى كثيرات مثلي ولو كان الأمر بیدي لما قمت بذلك".

كانت أم سليم تمشي بخطوات يلفها الإصرار والحماس لا تعبأ بما تحمل، رغم أن من يراها يشعر أنها لا تحمل إلا أثقالا, غير أن الكثير لم يكن ينشغل بماذا تحمل وإنما لماذا تحمل؟ ولماذا تخرج؟ وما الذى یفرض عليها ذلك.

مراسلة "فلسطين" قررت في يوم أن تذهب باكرة لكي تتحدث معها وتعرف سر تلك المهنة.

تروي أم سليم حكايتها الصعبة لـ "فلسطين": "أستيقظ كل صباح مع صوت الأذان، أشترى الخضار من أصحاب الأراضي الزراعية, أجهز (حزم البقدونس والجرجير)، وأنزل به الى السوق وكما ترين أجلس هنا على الرصيف وأبيعهواكسب فيه القليل من المال, يسد قوت يومي أنا وأبنائي العاطلين عن العمل".

وتكمل حديثها وعلى وجهها ملامح التعب: "أعمل في هذه المهنة منذ عشرين عامًا رغم الأمراض التي أصابتني إلا أني أكمل مسيري في البحث عن الرزق".

وتشير إلى أنهم لا يملكون أرضًا فلو كان لديهم أرض، كانوا زرعوا وأنتجوا منها وباعوا من خيرها، وتصمت للحظات وتنظر إلى السماء، وكأنها تدعو الله دوام الرزق والستر.

وتشير المُسِنة أم سليمإلى أن أوضاع الأسواق في قطاع غزة في تدهور مستمر بسبب الأوضاع الاقتصادية السيئة التي يمر بها منذ عدة سنوات، موضحة أن الحركة الشرائية في السابق كانت أفضل، وكان الربح يمكّنها من توفير كافة المستلزمات، على عكس الأوضاع في الوقت الحالي.

وتضيف ساخرة: "في بعض الأيام يتحول السوق إلى ملعب كرة قدم فارغ، بإمكانك أنت وأصدقاؤك اللعب فيه دون أن تصطدم بأحد"، مبينة أن الإجازات والعُطل الرسمية واستلام الرواتب تساهم في تحسين الحركة الشرائية، التي ساءت نتيجة حصار الاحتلال الإسرائيلي المستمر لقطاع غزة.

أمسليم ليست المُسنة الوحيدة التي تبيع الخضار على نواصي أسواق غزة، ويشابه حالتها العشرات من النساء اللواتي رفضن الحديث إلى وسائل الاعلام، بعد أنّ فقدن أمل الإعانة من الجميع، ولسان حالهن يقول "سنوفر لقمة عيشنا بصمت".


كمية صغيرة منها فيها سعرات كبيرة..