فلسطين أون لاين

من الأسير "عمر العبد" إلى الشهيد "دار يوسف".. "ثورة كوبر" مستمرة

...
​رام الله-غزة/ عبد الرحمن الطهراوي:

عام وخمسة أيام، هي المدة الفاصلة بين تنفيذ الشاب الأسير عمر عبد الجليل العبد عملية طعن أدت لمقتل ثلاثة مستوطنين وإصابة رابع، وبين تنفيذ الشهيد الفتى محمد دار يوسف، عملية طعن مساء أول من أمس، أسفرت عن مقتل مستوطن وإصابة اثنين آخرين، وكلاهما من بلدة كوبر شمال غرب مدينة رام الله، وسط الضفة الغربية المحتلة.

ونفذ العبد عمليته في 21 يوليو/ تموز 2017، وهو ابن الـ19 عامًا، بعد اقتحامه مستوطنة "حلميش" المقامة على أراضي قرية "النبي صالح" شمال غرب رام الله، ما أدى لمقتل المستوطنين الثلاثة طعنًا، في حين أصيب هو برصاص قوات الاحتلال قبل اعتقاله ونقله إلى مستشفى "بيلنسون" في "بيتاح تكفا" داخل الأراضي المحتلة عام 1948، حيث خضع للتحقيق من سلطات الاحتلال وللمحاكمة لاحقًا.

ويربط بين الأسير "العبد" والشهيد "دار يوسف" (17 عامًا) عدة قواسم مشتركة لا تقتصر على مسقط الرأس وتوقيت تنفيذ العمليتين بذات الوسيلة، الطعن بالسلاح الأبيض "السكين"، بل تشمل كذلك دوافع العمليتين والتداعيات التي ترتبت على ذلك.

فـ"العبد" أقدم على تنفيذ عمليته انتقامًا لمدينة القدس والمسجد الأقصى بعد "تدنيسه من الاحتلال الإسرائيلي" كما جاء في وصيته التي نشرها على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وبعد قرابة الأسبوع من إغلاق الاحتلال لأبواب الأقصى كافة في وجه المصلين واندلاع هبة الأسباط احتجاجًا على سعي الاحتلال لنصب بوابات إلكترونية عن أبواب المسجد.

وبذات الدوافع تسلح الشهيد "دار يوسف"، فقد نشر قبل تنفيذه العملية عند مدخل مستوطنة "آدم" المقامة عنوة على أراضي مواطني بلدة جبع شمال القدس المحتلة، رسالته على صفحته في "فيسبوك" أكد فيها ضرورة الانتقام من جرائم الاحتلال من اقتحامات متتالية مكثفة للأقصى وحصار خانق مستمر على قطاع غزة.

وجاء في رسالة الشهيد: "بعد كل هذا الظلم الذي تعرض له الفلسطينيون من قتل وتهجير وسلب الأراضي بالقوة.. يا من تملك السلاح تذكر أن الأطفال في غزة يعانون أشد المعاناة، شعبكم في غزة والقدس يقاوم وأنتم ماذا فعلتم؟ ثوروا فلن تخسروا سوى القيد والخيمة لترسموا وطنكم بدمائكم أيها الشرفاء، لتعيدوا عزة المسلمين ومجدهم".

وعقب عملية "دار يوسف" اقتحمت قوات الاحتلال، فجر أمس، بلدة كوبر، وداهمت منزل الشهيد الفتى وأخذت قياساته ووضعت عليه علامات وأبلغت عائلته بأنها ستعود لهدمه قريبًا، كما اعتقلت ثلاثة مواطنين وأغلقت كلّ مداخل البلدة بالسواتر الترابية وفق سياسة العقاب الجماعي، وذات الأمر فعلته سابقًا مع عائلة "العبد".

وكان الاحتلال قد هدم منزل عائلة العبد، وفرض حصارًا مطبقًا على البلدة مقيدًا حركة الدخول والخروج، واعتقل والديه وبعض أقربائه بتهمة "العلم السابق بتنفيذ العملية وعدم منعها"، قبل أن تصدر محكمة الاحتلال على الأسير العبد حكما بالسجن 4 مؤبدات، وذلك في الوقت الذي طالب به وزير جيش الاحتلال أفيغدور ليبرمان بإيقاع حكم الإعدام عليه.

وتضم بلدة كوبر في جنباتها تاريخًا عتيقًا من المقاومة وأسماء تعد رموزًا من رموز الشعب الفلسطيني، فهي مسقط رأس عميد الأسرى الفلسطينيين نائل البرغوثي، كما خرجت أجيالًا لها بصمتها في العمل العسكري ضد الاحتلال، وبعض أبنائها عملوا في خلية عسكرية مشتركة مع أبطال قرية سلواد خلال انتفاضة الأقصى 2000.

ويتميز أهالي بلدة كوبر بالتعاون الشعبي والتضامن الوحدوي والتكافل بين أبنائها، ومن أروع ما سطروه تبرعهم بقطعة أرض لعائلة الأسير عمر العبد فور هدم الاحتلال منزلها، كما بادروا لإنشاء صندوق لجمع التبرعات لسداد كفالة مالية بقيمة عشرة آلاف شيكل فرضها الاحتلال على العائلة، وجميعهم اشتركوا وجمعوا المبلغ وقدموه للعائلة.

ويبلغ عدد سكان بلدة كوبر نحو 6 آلاف نسمة، يعمل غالبيتهم في الزراعة والصناعة، ومما اشتهر عن أهلها أنهم يواجهون قوات الاحتلال في أثناء اقتحامهم البلدة، فلا تكاد تخلو عملية دهم لها إلا ويشتبك شبابها مع القوات المقتحمة بإلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة.