تلقي أزمة العجز المالي الذي تعاني منه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بظلالها السلبية على كلّ الخدمات المقدمة للاجئين سواء ببرنامج الطوارئ أو الصحة والتعليم، وسط تخوفات تثير الأهالي في غزة حول مصير ربع مليون طالب يتلقون تعليمهم بمدارس الوكالة البالغة 275 مدرسة في القطاع.
وبات مصير صرف رواتب 8 آلاف معلم من إجمالي موظفي الوكالة بغزة البالغ 12 ألف موظف عن شهر آب/ أغسطس، مهددا ولم يعد واضحا في ظل العجز المالي الذي تعاني منه "الأونروا" والبالغ 217 مليون دولار، وسط تساؤلات حول طريقة إدارة الوكالة لأزمتها المالية.
كارثة حقيقية
وأمام ذلك، يحذر عضو المكتب التنفيذي للجان الشعبية للاجئين في قطاع غزة عبد الحميد حمد من وجود مؤشرات سلبية تستهدف بداية العام الدراسي، إذا لم يتم الإيفاء من قبل الدول المانحة بالتزاماتها المالية، ما يفتح الباب أمام انهيار لكل الخدمات سواء التعليمية أو الخدمات الأخرى التي تقدمها الوكالة للاجئين في داخل وخارج فلسطين.
وقال حمد لصحيفة "فلسطين" حول تداعيات تأخير افتتاح العام الدراسي: "سنكون أمام كارثة حقيقية تهدد 250 ألف طالب يستفيدون من الوكالة في إطار التعليم، ما يهدد تسريح موظفين في مجال التعليم، فضلًا عن تفاقم الأوضاع المعيشية الصعبة للاجئين"، وتساءل: "إلى متى سيبقى اللاجئ الفلسطيني يدفع ثمن العجز المالي للأونروا؟".
ومن التداعيات الأخرى على الأزمة التي ستطال السلك التعليمي، أن الأونروا ستتخلى عن توظيف 500 معلم جديد كل عام، ما سيؤدي إلى زيادة أعداد الطلاب في الفصل الدراسي الواحد، وهو ما ينعكس سلبًا على العملية التعليمية، بحسب حمد.
واستدرك: "حتى الآن لا يوجد موقف رسمي من الوكالة حول تأخير فتح العام الدراسي، لكن إن حدث فإنه سينذر بانفجار في صفوف اللاجئين، ومزيد من المآسي بالمخيمات، لأنه في ظل عجز مالي لا محرمات للوكالة أمام تخفيض الخدمات على حساب اللاجئين".
أسباب سياسية
وفي السياق، بين حمد أن الأزمة المالية المتفاقمة لها أسباب سياسية تتعلق بصفقة القرن وتمريرها، تستهدف بالدرجة الأساسية قضايا اللاجئين وفي مقدمتها "الأونروا" وتصفية أعمالها، كونها الشاهد الحي على مأساة اللاجئين الفلسطينيين منذ 70 عاما.
ولفت إلى أن الأهداف السياسية الأخرى تستهدف الضغط على الدول العربية لتوطين اللاجئين الفلسطينيين بالدول المضيفة، خاصة بعد أن أوقفت أمريكا دعمها المالي السنوي للأونروا والبالغ 300 مليون دولار.
وذكر أن كل ما يدور حول تقليص الخدمات ووقف عقود وتسريح الموظفين وإلغاء برنامج الطوارئ خطوات لا تنسجم مع النداءات المتكررة للوكالة والتحركات التي قام بها المفوض العام لها على الصعيد الدولي الذي أكد أن "الكرامة لا تقدر بثمن"، لأن كرامة اللاجئ الفلسطيني تهدر أمام العجز المالي البالغ 217 مليون دولار.
خيارات وحلول
رئيس اتحاد الموظفين العرب بوكالة الغوث وتشغيل اللاجئين في قطاع غزة أمير المسحال يقول لـ"فلسطين" إنه لا يوجد نية لدى الوكالة لتأخير صرف رواتب الموظفين عن شهر يوليو/ تموز الجاري، أما عن العام الدراسي فالجميع بانتظار قرار المفوض العام للوكالة في منتصف آب/ أغسطس القادم، حول إمكانية فتح العام الدراسي في ظل العجز الذي يهدد الوكالة والذي يقدر بنحو 217 مليون دولار، الذي يمثل ربع الموازنة السنوية العامة للوكالة ويغطي نفقاتها لثلاثة أشهر.
وأضاف المسحال أن المفوض العام للوكالة يعول على عامل الوقت لوجود مانحين قد يقومون بتسديد قيمة العجز المالي، محذّرًا من مرحلة صعبة قد تواجه كل اللاجئين في مناطق العمليات (غزة، الضفة، لبنان، سوريا، الأردن) خاصة التعليم الذي يعمل به 22 ألف موظف.
وحول كيفية تدارك الأمور لمنع تأخير العام الدراسي، أوضح أن الأزمة إذا كانت مالية فهناك الكثير من الحلول التي جرى عرضها على إدارة الوكالة، منها فتح المجال أمام تقاعد الموظفين الذين أمضوا سنوات طويلة في الخدمة بشكل طوعي، خاصة أن هناك المئات يرغبون بمغادرة الوكالة، وتعيين موظفين جدد براتب يقل 50% عنهم يساعد في تقليل النفقات والعجز المالي، مشيرا إلى أن إدارة الوكالة تقول إنه ليس لديها الأموال لتغطية التقاعد.
واستدرك: "إذا لم تكن الأزمة مالية فهي سياسية تتحكم بها سلطة أعلى من سلطة إدارة الوكالة، فنحن أمام هجمة سياسية شرسة على الأونروا تستهدف إنهاء خدماتها"، مشيرًا إلى أن تأخير الموسم الدراسي إن حدث سيكون بكلّ مناطق العمليات الخمس (سوريا-لبنان- الأردن-قطاع غزة-الضفة الغربية).