فلسطين أون لاين

التدريب المهني.. أولى خطوات الاندماج في سوق العمل

...
صورة أرشيفية
غزة/ صفاء عاشور:

ألقت الأوضاع الاقتصادية المتردية التي يعيشها قطاع غزة بظلالها السلبية حول توفر فرص عمل للخريجين في سوق العمل المحلي، إذ بلغ أعداد الخريجين العاطلين عن العمل خلال السنوات العشر الماضية أكثر من مائة ألف خريج، حيث أصبح التوجه لدراسة التخصصات المهنية التي تعكف وزارة العمل على تدريسها من خلال معاهدها أمرًا ضروريًّا ولا بد منه.

مدير دائرة التوجيه والإرشاد المهني في وزارة العمل م. مجدي أبو غالي، أوضح أن التدريب المهني يختلف عن التعليم الأكاديمي، قائلا: "إن الطالب ينتقل مباشرة لسوق العمل بعد تخرجه من مراكز التدريب ويستطيع بعد امتلاك مهارة والحرفة أن يكون له مشروعه الخاص".

وأضاف في حديث لـ"فلسطين" إن "أهمية التدريب المهني تكمن في إخراج عمالة ماهرة مدربة وعلى مستوى عالٍ من المعرفة دون انتظار لوظيفة ذات مرتب خاص ومرتبطة بدوام محدد، فالتدريب المهني فيه من الحرية أكثر من الوظائف".

وأضاف أبو غالي: إن "نسبة البطالة بين خريجي التدريب المهني تكاد لا تذكر كما أنها تمهد لأن يكون الشخص رياديًا في مجال عمله"، لافتاً إلى أن التدريب المهني لا يغني عن التعليم الأكاديمي فالمجتمع يحتاج كليهما.

وبين أن خريج التدريب المهني يحتاج بعد تخرجه لفترة من الزمن للتعرف إلى السوق المحلي والتعامل مع الموردين والزبائن وبعد فترة قصيرة سيكون قادراً على دخول سوق العمل بكل قوة بناء على ما درسه في معاهد التدريب المهني.

"15" تخصصًا

ونوه أبو غالي إلى وجود 15 تخصصًا معينًا في معاهد التدريب المهني يمكن الاطلاع عليها من خلال موقع الوزارة، مشيراً إلى أن ما يميز معاهد التدريب هو مجانية التدريب ولا يوجد تحصيل رسوم.

وذكر أن الطالب يتلقى تدريبًا دون أي مقابل مادي وهذا يساعد الكثير من الأسر ذات الدخل المحدود والمتدني، ونستقبل الطلبة من كافة الشرائح بشرط مطابقة الشروط المطلوبة عليه، فيجب أن يتمتع بلياقة للمهنة والقدرة الجسدية والعقلية التي تتناسب مع دراسته.

وأفاد أبو غالي أن التخصصات التي يتم تدريسها للطالب في معاهد التدريب المهني الخمسة التابعة لوزارة العمل هي تخصصات مكلفة على الوزارة وعلى الحكومة، حيث إن الطالب المهني تكلفة تدريسه تزيد من 9-10 أضعاف عن الطالب النظامي.

وأوضح أن 70% من التدريب هو عملي و30% نظري والـ70% تذهب لأجهزة ومعدات ومقدرات خاصة بالتدريب لا يمكن استعمالها والاستفادة منها بعد ذلك.

كل قسم تدريبي وتخصص مهني لا يمكن استيعاب أكثر من 25 طالبًا فيه، لأنه من عوامل السلامة المهنية، وكل طالب يأخذ حقه في التدريب بالإضافة إلى محدودية الأجهزة، منوهاً إلى أن الدعم الموجه للتدريب المهني محدود جداً، بالإضافة إلى بعض الدعم من القطاع الخاص والمؤسسات الدولية.

ثقافة المواطن

من جهته، أكد المختص في التنمية البشرية، د. مؤمن عبد الواحد أن التعليم المهني يعاني من ثقافة المواطن الذي يتجنب الدراسة في معاهد التدريب المهني لأنه يعتبرها مستوى أقل وغير لائقة وقيمة اجتماعية اقل من التخصصات الأخرى.

وقال في حديث لـ"فلسطين": " للأسف الشديد إن التركيبة المجتمعية لا تزال ترفض هذه الدراسات ومن يتوجه للدبلوم هم الأقل حظاً في الثانوية العامة ومن لم يحالفهم الحظ بمعدلات تسمح لهم بالدراسة وهم دون 65%".

وأضاف عبد الواحد: إن "هذا التوجه من الوزارة أدى إلى أن تستقبل مراكز التعليم المهني النماذج الأضعف والأقل في التحصيل العلمي وهم في الغالب من محدودي القدرات والمهارات العلمية مما ولد لدى الناس أن الأقل قيمة اجتماعية هم من يتوجهون للدراسة المهنية".

وأشار إلى أن المعاهد المهنية كانت في السابق غير قادرة على تهيئة وتأهيل المتقدمين لها في علومها تأهيلا كاملا وإكسابهم المهارات الكافية فاكتملت الصورة لدى المواطن أن من يدخل المعهد مهاراته ومعارفه محدودة وقيمه الاجتماعية سيئة ولا يمكن أن ينافس في السوق، ولا توجد فيه أي مميزات بالدراسة فيها ولذلك أصبحت مهمشة وضعيفة التواصل.

فجوة كبيرة

وأردف عبد الواحد: "اليوم نحن نعاني في المجتمع، وبعض شباب غزة خريجو بكالوريوس، وأصحاب المهن المهنية غائبون وغير موجودين وأصبحت هناك فجوة وإشكالية كبيرة وخلل في التركيبة المجتمعية لأصحاب المهن".

وبين أنه في ظل عدم توفر وظائف والدعوة للممارسة العملية للمهنة أصبحت الفرصة متاحة للمعاهد التقنية والمهنية للدراسة فيها، لأن المجتمع بحاجة لهذه الفئات، داعياً الجميع من أهالي وطلاب للتوجه للدراسة في مثل هذه المعاهد التي أصبحت مؤهلة لإكساب المهارات والقدرات وفق إمكانات تطبيقية جيدة.

وأكد عبد الواحد أنه يجب التخلص من عقدة المسميات لأن الإنسان هو من يعطي الوظيفة قيمة وليس الوظيفة من تعطي القيمة للإنسان، مشدداً على أن سوق العمل قادر على استيعاب خريجي التعليم المهني بعد أن أُتخم هذا السوق بأصحاب التخصصات الأكاديمية.