فلسطين أون لاين

الحسد مرضٌ خطير يفتك بالأمة أفرادًا وجماعات

...
​غزة/ نسمة حمتو:

الإنسان سواء كان يحمل استعدادات الخير أو الشر فإنه لا يخلو من آفة الحسد، فهو أمر غير إرادي لمن اتسم بالصلاح يصدق فيه قول القائل: "ما خلا جسدٌ من حسد"، لكن الإنسان الذي يطوي قلبه على الكره والبغض فإن فعله متعدٍ، وذلك من خلال تمني زوال النعمة عن الآخرين، وبالتالي، فإن الحسد الذي هو مقرر في كتاب الله تعالى "ومن شر حاسد إذا حسد"، هو من الأمراض الخطيرة التي تفتك بالأمة أفراداً وجماعات ..

آفة الحسد

يقول الشيخ الداعية مصطفى أبو توهة:" إن الحسد أكثر ما يكون بين الأقارب والجيران والزملاء، والحسد مراتب، منها تمني زوال النعمة ولو لم تنتقل للحاسد، ومن الحسد زوال النعمة عن صاحبها وحصول الحاسد عليها".

وأشار إلى أن من الحسد تمني الحاسد مثل النعمة التي عند المنعم عليه حتى لا يحصل التفاوت بينهما، وحكم الحسد أنه اعتراض على قدر الله تعالى في قسمته بين عباده، لافتاً إلى أنه بذلك ينافي الإيمان الذي يفرض على صاحبه التسليم لأفعال الله.

وقال:" وهو مصداق لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "لَا يَجْتَمِعُ فِي جَوْفِ عَبْدٍ مُؤْمِنٍ غُبَارٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَفَيْحُ جَهَنَّمَ، وَلَا يجتمع في جوف عبد الإيمان والحسد".

رقية النفس

وأكد أبو توهة أنه للسلامة والعافية من هذه الآفة المدمرة ما كان يفعله النبي عليه الصلاة والسلام بنفسه ولنفسه والحسن والحسين، فعَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَالَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُعَوِّذُ الْحَسَنَ، وَالْحُسَيْنَ، يَقُولُ: " أُعِيذُكُمَا بِكَلِمَاتِ اللَّهِ التَّامَّةِ، مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ وَهَامَّةٍ، وَمِنْ كُلِّ عَيْنٍ لَامَّةٍ، قَالَ: وَكَانَ أَبُونَا إِبْرَاهِيمُ يُعَوِّذُ بِهَا إِسْمَاعِيلَ، وَإِسْحَاقَ ".

وأضاف:" وبما رقى جبريل النبي عليه الصلاة والسلام فعَنْ عَائِشَةَ: كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا اشْتَكَى رَقَاهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ، فَقَالَ: «بِسْمِ اللَّهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ دَاءٍ يَشْفِيكَ، مِنْ شَرِّ [ص:163] حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ، وَمِنْ شَرِّ كُلِّ ذِي عَيْنٍ» ".

وتابع قوله:" ومن وصاياه لكل من رأى نعمةً على نفسه أو في غيره حين قال: "من رأى شيئاً فأعجبه فقال ما شاء الله لا قوة إلا بالله لم يضره ".

جزاء الحاسد

وقال أبو توهة :" ولا ننسَ هنا أن الحسد هو أول ذنب عُصي الله تعالى به حين قال إبليس راداً على الله أمره في السجود لأدم قال: "خلقتني من نار وخلقته من طين فكان الجزاء الطرد واللعنة والخسران وهي جريمة وقع في شراكها قابيل حينما قرب هو وأخوه قربانا فتقُبل من هابيل الأخ الثاني فما كان منه إلا أن قتله فاستنّ سنة القتل ليكون في صحيفته وزر كل قطرة دمٍ أريقت على وجه الأرض".

ومضى بالقول:" حينما بعث النبي عليه الصلاة والسلام حسدته اليهود والنصارى فوقفوا موقف العداء لدعوته "ود كثير من أهل الكتاب لو يردونكم من بعد إيمانكم كفاراً حسداً من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق"، ولا ننسَ قصة يوسف عليه السلام مع إخوته حين حسدوه فألقوه في غيابة الجب".