الفلسطينيون تحت الاحتلال وبناء المستوطنات وحصارهم بالجدار العنصري وتقطيع أوصال مناطقهم بالطرق الالتفافية لم يعدموا الوسيلة في الاستفادة من خيرات بلادهم، ومنها النباتات البرية التي تستخدم في الأطعمة أو دواء لبعض الأمراض .
فالمستوطنون يتربصون بكل فلسطيني يجمع هذه النباتات التي تشكل لهم مصدر رزق موسميًّا، أو على مدار العام .
المواطن صالح صبح (48 عامًا) من بلدة برقين في محافظة جنين يجمع نبات القبار الشوكي في أواخر شهر حزيران الحالي، ونهاية تموز .
يقول لـ"فلسطين": "القبار نبات شوكي ينضج في هذا الوقت من العام، وينبت في الأراضي غير المستخدمة، ونخرج منذ الصباح الباكر حتى ساعات قبل الظهيرة بسبب الحر الشديد".
ويضيف: "نجمع يوميًّا 10-12 كغم ونبيعها إلى شركة كنعان في برقين التي تعالجه، وسنويًّا نجمع ما يقارب أربعمائة كيلو غرام، وجمعه في فصل الصيف فيه مخاطر متعددة، أهمها وجود الزواحف الخطيرة مثل الأفاعي والعقارب بداخل شجره الشوكي".
يتابع: "يجب قطف ثمار القبار وهي غير ناضجة تمامًا، فتكون نواة الحبة بيضاء وليست سوداء، حتى يتم الاستفادة منها، ويكون حجم الثمرة ليس كبيرًا ولا صغيرًا، متوسط الحجم، ونحن نستخدمه مخللات مع الزيتون والبندورة المجففة، وله استخدامات أخرى".
التاجر العطار محمد نزال (56 عاماً) يقول عن نبات القبار: "هذا النبات الشوكي له فوائد كثيرة، للصحة العامة للجسد، ولعلاج الأمراض المزمنة، ومقوٍّ عام للجسد كونه غنيًّا بالحديد، وكمية صغيرة منه تكفي لإمداد الجسد بالحديد، خصوصًا النساء الحوامل، وعليه طلب في محال العطارة".
ويضيف: "نبات القبار ليس متوفرًا دائمًا في محال العطارة، فوجود المستوطنات في الأراضي الفلسطينية، والطرق الالتفافية، ومحاربة جيش الاحتلال لمن يجمعه أدت إلى انخفاض كميته السنوية، وهنا الكثير من النباتات البرية الطبية أصبحت شحيحة، نتيجة ملاحقة الاحتلال لمن يجمعها، وحظر الاتجار بها، ومعاقبة من يقوم بذلك".
وفي وادي قانا بمحافظة سلفيت موطن الكثير من النباتات البرية كالميرمية والنعناع البري والسماك البلدي تشتغل العديد من العائلات الفلسطينية في جمع هذه النباتات، وتسوقها داخل السوق المحلية، وأسعارها تناسب طبيعة تجهيزها.
والسماك البلدي الخالي من الأملاح والزيوت والشوائب مصدر دخل للعديد من العائلات الفلسطينية، ويصل سعر الكيلو الواحد إلى 70- 100 شيكل، والطلب عليه متزايد.
المواطن فوزي (55 عامًا) يقول: "نجمع ثمار السماك البلدي من الجبال والتلال في عملية شاقة بمنطقة واد قانا وأراضي محافظة سلفيت، وبعدها نجففه ونغربله من كل الشوائب والأوراق، ويكون صافيًا نقيًّا خاليًا من أية إضافات تذكر".
أما الحاجة صبحية (70 عامًا) من بلدة دير استيا المطلة على وادي قانا فتقول: "الميرمية البلدية التي تفوح رائحتها من مسافة بعيدة مصدر رزقنا، نذهب إلى المناطق الجبلية ونجمعها من مناطق معينة تكون قريبة من الصخور حيث الرطوبة، ونجمع سنويًّا كميات كبيرة".
وتضيف: "لكننا نخشى المستوطنين وضباط الإدارة المدنية الذين يراقبوننا من الأرض والسماء وبالنواظير من داخل المستوطنات ويهجمون علينا، فنختار الأوقات التي لا التي لا يستطيعون فيها ملاحقتنا، مثل مساء الجمعة ويوم السبت وفي أعيادهم وفي الصباح الباكر، إلا أن خطر الخنازير البرية ليس غائبًا عن المشهد".
رئيس بلدية دير استيا سعيد زيدان يقول: "الاحتلال يحاول حرماننا خيرات بلادنا، وفي وادي قانا تكون سطوة ما يسمى حارس الطبيعة شديدة، ومع ذلك يصر أهالي دير استيا والمناطق المحيطة على جني النباتات البرية والاستفادة منها رغمًا عن إجراءات الاحتلال ومستوطنيه، فثروات بلادنا لنا".
يتابع زيدان: "في عيد الفطر وضع ضباط الطبيعة يافطة تحمل تهنئة بالعيد باللغتين العبرية والعربية وكأنهم أصحاب الأرض، وهم المسيطرون عليها، وهذا لخداع الرأي العام، فهم يمنعون أصحاب الوادي من كل شيء حتى جمع نبات طبيعي".

