لا يتعلّق الأمر أحيانًا بمعاني الفوز والخسارة بقدر ما يرتبط بترسيخ الصور، وإيصال الرسائل التي تاهت في فضاءات التواصل الاجتماعي، والبحث عن صورة ابن البلد المنتصر حتى بعد هزيمته على أرض الملعب.
قدّمت بطولة كأس العرب «قطر 2025» الكثير من الدروس، فكانت فلسطين هي المنتصر السعيد، والغزال الذي أثارت خطواته إعجاب الجميع، والخاسر الذي لم يحاول سرقة فرحة غيره أو الاستيلاء عليها.
ومع انطلاق مباراة الفدائي، كان أبناء غزة يجتمعون أمام الشاشات، يتابعون أبناء بلدهم، وينتظرون لحظة فرح بعد يومٍ حافل في الخيمة، والانشغال بتأمين متطلبات حياة قاسية.
وبالتصفيق ودّع الفدائي البطولة، وبالروح ذاتها بارك للمنافس، لتترسّخ معاني الروح الرياضية والتنافس الشريف على أرض دوحة العرب.
وكشفت البطولة أيضًا عن تأثير منتخب فلسطين لكرة القدم في مزاج الناس داخل الوطن وخارجه، وقدرته على تحقيق ما بدا مستحيلاً: «بسمة في خيمة يغمرها المطر»، إذ كانت نتائج الفدائي الإيجابية تصنع الفرح في مكان اعتاد الحزن والوجع.
وأكد الحكم الدولي التونسي سالم بن محسن، في حديثه لـ فلسطين أون لاين، أن الفرح بفوز فلسطين كان يسعدنا كما يسعدنا فوز تونس، فهم أحق بالفرحة لما عانوه خلال العامين الماضيين، متمنيًا التوفيق للفدائي في البطولات المقبلة.
وأوضح محسن: «فلسطين هي القلب النابض للأمة العربية، ومساندتها رياضيًا ليست سوى جزء بسيط لإشعار شعبها بوقوفنا إلى جانبهم، وإحساس أهلها بأننا لم ننساهم، وهذا واجب على كل عربي».
واختتم حديثه بالقول: «ستبقى فلسطين القضية الأبرز في العالم، ولن يهدأ لنا بال حتى تتحرر، وما شهدناه في البطولة العربية، وقبلها في كأس العالم 2022، دليلٌ واضح على أنها في قلب العرب، رغم ما فعلته قلة».
من جانبه، قال لاعب الفدائي محمد صالح: «كنا نلعب ونحن نفكر في كيفية إسعاد أهل قطاع غزة القاطنين في الخيام، وهو ما جعل جميع اللاعبين يقاتلون بروح عالية».
وأضاف: «كنا، فور انتهاء المباريات، نتابع فرحة الشعب الفلسطيني، وهو ما كان يزيد من دافعنا وحماسنا»، مشيرًا إلى أن البطولة شكّلت محطة فارقة في المسيرة التاريخية للفدائي، وأكدت أن اللاعب الفلسطيني يمتلك الكثير ويحتاج فقط إلى فرصة.
بدوره، أكد الإعلامي خالد القواسمي أن الرياضة لم تعد مجرد منافسة، بل باتت رسالة صمود ووحدة وطنية، وأن كل هدف وكل إنجاز على أرض الملعب يمثل فرحة لكل فلسطيني يعيش ظروفًا صعبة.
وأشار القواسمي إلى أن البطولة العربية التي أُقيمت في قطر سلّطت الضوء على الدور الرمزي للرياضة في تعزيز القيم الإنسانية والوطنية، ونقل رسالة الأمل والفخر إلى الشعب الفلسطيني.
وأضاف: «الرياضة أثبتت قدرتها على إسعاد الناس ونشر الفرح حتى في أصعب الظروف، وهو ما ظهر جليًا في صور فرحة الأهالي داخل خيام غزة».
وفي كرة القدم، لا تنتهي الرحلات؛ على أمل أن يلتقي الفدائي بمحبيه في محطات قادمة أكبر وأقوى.

