تحت منطق "الإغراء والتهديد" تريد الولايات المتحدة فرض قرارها على العالم من خلال القوة وبالوسائل كافة، عبر الضغط على عدة دول كي تقوم بنقل سفاراتها إلى القدس المحتلة. هذا المنطق يثير تساؤلات، حول غياب الموقف العربي والفلسطيني الرسمي للتصدي لتلك الدول التي تقوم بنقل سفارتها، فالإدانات الضعيفة غابت هذه المرة.
وتستعد باراغواي لنقل سفارتها إلى القدس المحتلة، حيث من المتوقع أن تجرى مراسيم نقل السفارة اليوم الاثنين.
وبذلك تصبح باراغواي ثاني دولة في أميركا اللاتينية بعد غواتيمالا، تحذو حذو الولايات المتحدة التي نقلت سفارتها إلى القدس.
وأعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب في كانون الأول/ديسمبر عام 2017 الماضي الاعتراف بالقدس عاصمة لـ(إسرائيل) ونقل السفارة الأميركية من (تل أبيب) إلى القدس. وهذا ما تم بالفعل يوم 14 أيار/ مايو.
السفير الفلسطيني السابق ربحي حلوم، بين أن بعض الدول التي تنوي نقل سفارتها للقدس، هي في حقيقة الأمر شكل من أشكال الدول أو عبارة عن محميات صغيرة وليست دولاً، ولا أثر لها في البعد العالمي.
ويقول حلوم لصحيفة "فلسطين": "إن تلك الدول كغواتيمالا تعتبر مجرد محميات تابعة لأمريكا سياسيًا واقتصاديًا في كل نواحي الحياة، كل منها له نصيبه في الميزانية الأمريكية نهاية كل عام مقابل تنفيذ الإملاءات السياسية، ولا نجد من بينها دولة واحدة لها كلمة على الصعيد العالمي".
كما لفت النظر إلى أن باراغواي دولة لا وزن لها على الصعيد السياسي وإنما اكتسبت قيمتها من الأنشطة الشبابية والرياضية.
ويرى أن أمريكا تريد فرض قرارها على العالم بالقوة وبكل الوسائل من خلال قيام هذه الدول الصغيرة بتنفيذ ما يملى عليها مقابل مبلغ مالي مستحق لها مرصود ضمن الميزانية الأمريكية.
وهذا يستوجب، كما يشدد حلوم، موقفا عربيا وإسلاميا واضحا وصريحا أقله إغلاق سفارات كل تلك الدويلات والمحميات.
وحول دور السلطة الفلسطينية في التصدي لعمليات نقل سفارات تلك الدول للقدس، أشار حلوم إلى أن السلطة منشغلة بهم العودة لطاولة المفاوضات واستجداء التفاوض مع الاحتلال، وتقديم خطة لعقد مؤتمر دولي للتفاوض ولا يمانع حضور أمريكا ذاتها.
وأضاف: "كل هم رئيس السلطة محمود عباس العودة لطاولة المفاوضات وإطالة أمد بقائه في السلطة للمدى الذي يستطيع، ولو كان غير معني بذلك لكان قد رفع العقوبات عن غزة، ودعم مسيرات العودة".
وفيما يتعلق إن كانت أمريكا تستطيع إقناع دول مؤثرة بنقل سفاراتها للقدس، قلل حلوم من ذلك، قائلا: "إن أمريكا لن تستطيع إقناع أي دولة بنقل سفاراتها إلا من خلال شراء الذمم والهبات المالية، ولا يوجد دولة تحترم نفسها وقرارات الشرعية الدولية يمكنها أن تنصاع للإملاءات الأمريكية".
احتياج مالي
والأساس الذي تتم عليه عملية نقل سفارات بعض الدول للقدس -وفق نظرة الكاتب والمحلل السياسي سامر أبو العنين- هو الإغراء والتهديد الأمريكي لكل هذه الدول التي تقوم بنقل سفارتها بشكل غير مشروع، في ظل احتياج بعضها للدعم المالي الأمريكي.
وقال أبو العنين لصحيفة "فلسطين": "الخيار أمام هذه الدول، إما الاستجابة لطلب أمريكا بنقل سفاراتها، أو قطع المساعدات عنها".
ورأى أن الدول التي تنوي نقل سفارتها للقدس تساوم على مواقفها، منبهًا إلى أن خطورة الأمر يتمثل بتكريس السرقة والاحتلال، باعتبار أن نقل السفارات القدس فيه شكل من أشكال منح الاحتلال الإسرائيلي الشرعية".
ويتطلب ما سبق من الدول العربية والإسلامية قطع علاقتها مع أي دول تنقل سفارتها للقدس، وإن لم تستطِع ذلك فعليها التوجه للقضاء الدولي لعدم قانونية تلك التحركات، لمواجهة الخطوة. بحسب المحلل السياسي.