أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرار رقم 181 لسنة 1947 الخاص بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية، حيث أعطى القرار 54.7% من أرض فلسطين للدولة اليهودية و44.8% للدولة العربية و0.5% لمنطقة القدس (المدولة).
كيف قام الصهاينة بالاستيلاء على فلسطين؟
في أبريل عام 1948 شرعت العصابات الصهيونية (الهاجاناة -الأرغون -شتيرن وليحي) في تنفيذ الخطة "دالت" وهي الاسم الرمزي "العبري" لاستراتيجية غزو فلسطين، وبدأت العصابات بشن هجمات منسقة ضد المدنيين الفلسطينيين في مسلسل التدمير والتهجير والقتل من 29/11/1947 (تاريخ صدور قرار التقسيم رقم 181) وحتى 15/5/1948 (تاريخ الإعلان عن قيام دولة الكيان).
المذابح التي ارتكبتها العصابات الصهيونية:
فقد ارتكبت العصابات الصهيونية أكثر من 35 مذبحة و90 هجمة أفظعها مذبحة "الدوايمة" قرب الخليل، والتي راح ضحيتها أكثر من 500 شهيد، وتم إحراق القرية بأكملها لإخفاء آثار الجريمة، ومذبحة دير ياسين التي راح ضحيتها أكثر من 250 شهيدا، وغيرها من المذابح التي أسفرت عن استشهاد الآلاف من الفلسطينيين.
تدمير القرى والبيوت الفلسطينية:
قامت العصابات الصهيونية بتدمير أكثر من ۲۲۱ قرية وبلدة فلسطينية تدميرا كاملا، و135 قرية تدميرا جزئيا، وقد هجر وطرد أهالي 531 قرية وبلدة فلسطينية، 89% من القرى تم تهجيرها من فلسطين عام 1948 نتيجة للأعمال العسكرية التي ارتكبتها العصابات العسكرية، و10% بسبب الحرب النفسية التي شنها اليهود على الفلسطينيين، وهنا تحضرني مقولة القائد الإسرائيلي "موشيه ديان": "ليست هناك قرية يهودية واحدة في هذه البلاد لم يتم بناؤها فوق موقع لقرية عربية".
حرب عام 1948 وآثارها التدميرية على الشعب الفلسطيني:
أسفرت حرب عام 1948 عن تجزئة للوحدة الجغرافية والسكانية، حيث انهارت التكوينات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية للشعب الفلسطيني لتبدأ رحلة جديدة في تاريخ الشعب الفلسطيني، وهي مرحلة ما بعد النكبة.
- سیاسيًا: تمثل ذلك في إلغاء الهوية الذاتية للشعب الفلسطيني، وذلك على إثر الإعلان عن الدولة اليهودية في 15/5/1948 وتشريد أبناء الشعب الفلسطيني، حيث أعلن الصهاينة عن قيام دولة الكيان على 78% من أرض فلسطين التاريخية، والجزء المتبقي 22% ويتكون من جزأين؛ الجزء الأول: ما يسمى بالضفة الغربية، والذي ضم إلى إمارة شرق الأردن لتصبح المملكة الأردنية الهاشمية بعد عام 1949، والجزء الثاني ما يسمى بقطاع غزة (والذي كان يعرف آنذاك بعد توقيع اتفاقية رودس عام 1949م "الأراضي الفلسطينية الخاضعة لرقابة القوات المصرية") وضع تحت الإدارة المصرية.
- اقتصاديًا: فقد الفلسطينيون وطنهم ووسائل معيشتهم في آن واحد، حيث فقدوا ممتلكاتهم وأراضيهم وبيوتهم واضطروا للنزوح خارج قراهم، فقد كانت النكبة اقتصادية بقدر ما كانت سياسية، وقد أدى تدمير البنية الاقتصادية لأغلبية الشعب الفلسطيني وتشريده إلى تغير التركيبة الاجتماعية الطبقية للشعب الفلسطيني بأكمله.
اجتماعيًا: دمرت الحرب بنية الشعب الفلسطيني، حيث تمزقت أوصال فلسطين وتدفقت أعداد اللاجئين الكثيرة، الأمر الذي خلف أشد الآثار على نحو لا يزال يترك بصماته، فقد بقي قسم من أبناء الشعب الفلسطيني داخل الأراضي المحتلة عام 1948م (قدر عددهم ب156 ألف نسمة) والقسم الأكبر من الفلسطينيين (قدر عددهم بمليون نسمة) هجر إلى الضفة وغزة، وغادر القسم الثالث (وقدر عددهم بـ ۳۰۰ ألف نسمة) فلسطين نهائيا إلى دول الشتات.
مع العلم أن عدد فلسطينيي الشتات حسب إحصائية 2011 بلغ ستة ملايين و 250 ألف لاجئ، ويشكلون أكثر من 50% من تعداد الشعب الفلسطيني، فمن يملك الحديث باسمهم والتصرف بحقوقهم؟
الأمم المتحدة وحق العودة:
منذ تاريخ النكبة عام 1948م وحتى الآن صدر أكثر من 120 قرارًا خاصًا بحق العودة إلى أرض فلسطين بدءا من القرار رقم 144 لسنة 1948 (حق العودة)، ولكن دون جدوى، ولا يمكن ربط حق العودة بسراب القرار رقم 194، فمن يفكر بالعودة فعلا فعليه أن يفكر بالمقاومة، فلا عودة دون تحرير، فإن الاتفاقيات بين السلطة الفلسطينية ودولة الكيان لا تسقط حق العودة، فحق العودة غير قابل للتصرف ولا يسقط بالتقادم، فهو حق أساسي وليس سياسيًا، حق مقدس وحق قانوني وحق جماعي وحق فردي، فحق العودة هو مفتاح الحل للقضية الفلسطينية.
مسيرة العودة الكبرى.. إعادة الاعتبار للقضية الفلسطينية:
مسيرات العودة الكبرى أهم مبادرة للمقاومة الشعبية السلمية القائمة على الفكر الوطني الوحدوي، المرتكز على جوهر القضية الفلسطينية، المتمثل في حق العودة، والذي يشهد حالة التفاف شعبي في أماكن التواجد الفلسطيني كافة. تتصاعد وتيرة الإعداد لأحد أهم المشاريع الواعدة، والتي انطلقت في ذكرى يوم الأرض في الثلاثين من شهر مارس واستمرت حتى اليوم الخامس عشر من مايو (ذكرى النكبة)، والتي سعت إلى إعلاء صوت شعب فلسطين في حقه بالعودة، عبر الاحتشاد السلمي على حدود فلسطين المغتصبة ومن أقرب نقطة، والبداية من غزة شرارة الثورة في شتى المراحل، ومن ثم تنطلق في شتى مناطق التماس مع حدود فلسطين، والتي توِّجت بالأمس في الذكري الـ70 للنكبة، وبالتزامن مع نقل السفارة الأمريكية بالقدس، حيث قدّم الشعب الفلسطيني أكثر من 52 شهيدًا وأكثر من 2400 جريح ثمنًا لتحقيق هذه الأهداف.