منذ الساعات الأولى، كانت التهمة جاهزة، بحق شاب أردني هاجم السفارة "الإسرائيلية" في عمان، انتقامًا لدماء الأطفال والنساء العزل في قطاع غزة، في أحدث انحدار تسجله المملكة في قمع كل أشكال التضامن مع غزة وتشكيل جدارا لحماية الاحتلال ومؤسساته.
"المخدرات والسجل الإجرامي، ومهاجمة أفراد الشرطة" كانت المبرات القوية الذي أوردته وزارة الأمن الأردنية، كافية لإغلاق ملف قتل الشاب الأردني، قبل أن تكشف تقارير صحفية، أن الشاب المهاجم اقترب من مقر السفارة "الإسرائيلية" المحصنة بشدة في عمان وباغت إحدى السيارات "الإسرائيلية" التي كانت داخل بوابة السفارة وأطلق 3 رصاصات استهدفت الراكب في المقعد الخلفي من السيارة.
وبعد تنفيذ هجومه، تمكن الشاب من الانسحاب، فلاحقته سيارة الحماية والتأمين التابعة للدرك الأردني وأطلقت النار عليه وقتلته بدم بارد وبإصرار من دون العمل الجدي على محاولة اعتقاله.
ولم تعلن الشرطة الأردنية عن اسم المهاجم وأخفت أغلب تفاصيلها بما في ذلك أنه هاجم سيارة داخل السفارة الإسرائيلية، وفضلا عن ذلك لجأت فورا إلى محاولة تشويه صورته ووصفه بأنه شخص مطلوب وله سجل إجرامي في مجال الاتجار بالمخدرات.
ولم يذكر بيان لمديرية الأمن العام الأردني السفارة الإسرائيلية، لكنه أكد أن الحادثة وقعت في حي الرابية الراقي حيث تقع السفارة الإسرائيلية.
وزعم بيان حكومي أردني أن “مرتكب الهجوم (الإرهابي) بادر بشكل مباشر بإطلاق الذخيرة الحية على طاقم دورية أمنية كانت متواجدة في المنطقة، بهدف قتل أفرادها باستخدام سلاح أوتوماتيكي كان مخبأ بحوزته، بالإضافة إلى عدد من الزجاجات والمواد الحارقة”.
وتم مطاردة المسلح لمدة ساعة على الأقل قبل محاصرته وقتله قبل الفجر. فيما أظهرت لقطات تم تداولها عبر الإنترنت صوت إطلاق نار متقطع أثناء المطاردة.وفي الساعة 4.30 صباحا (1.30 بتوقيت جرينتش)، أعلنت السلطات أن قواتها تنسحب من المنطقة وأن الوضع تحت السيطرة.
ويأتي الحادث في سياق حالة من الغضب تسود الشارع الأردني باتجاه الاحتلال، وسفارته في العاصمة عمان، والتي أصبحت قبلة للمسيرات والمظاهرات الشعبية المؤيدة للمقاومة الفلسطينية، والمنددة بحرب الإبادة الإسرائيلية في غزة.
المخدرات مبرر للقتل؟
عقب الوزير الأردني السابق وأستاذ العلوم السياسية أمين المشاقبة أن الرأي العام الأردني يحتاج إلى تفسير أكثر وضوحا للحادثة.
وقال مشاقبة إن ”القول بأن شخصا له تاريخ في تعاطي المخدرات هو من يقف وراء الحادث (الهجوم على السفارة الإسرائيلية) لا يكفي لتفسير ما حدث، فالأمر يتجاوز ذلك بكثير”.
وكان عدد من الشباب الثائر نفذ عمليات متفرقة في منطقة الحدود بين الأردن والأراضي المحتلة، واستهدفت قوات الاحتلال، فيما تخشى الأجهزة الأمنية الأردنية من استمرار هذه العمليات ضد الاحتلال.
ففي الثامن من سبتمبر/أيلول، أطلق جندي متقاعد النار على جسر الملك حسين (معبر الكرامة) وقتل ثلاثة جنود إسرائيليين قبل أن يُقتل بالرصاص.
وفي 18 تشرين الأول/أكتوبر، تسلل شابان عبر الحدود بين الأردن والضفة الغربية جنوب البحر الميت، وأطلقا النار على جنود إسرائيليين، فأصابا ثلاثة منهم، قبل أن يقتلا بنيران الجيش.
وقد اعتقلت السلطات الأردنية عددا من أقارب رجلين نفذا هجوم إطلاق نار عبر الحدود بالقرب من البحر الميت في وقت سابق من هذا الشهر أدى إلى إصابة جنديين إسرائيليين.