فلسطين أون لاين

​رغم الرصاصة.. يفخر "عبدو" بـ"الإبداع" في الميدان

...
غزة - مريم الشوبكي

من "نقطة صفر"، يركض يمنةً ويسرة، متوشّحا بالكوفية، حاملا العلم الفلسطيني، حتى وصل السياج الفاصل، فعلّق العلم عليه، وبعدها أشار بيده للمجندة الإسرائيلية الواقفة خلف الطرف الآخر من السياج، والتي كانت على مرمى حجر منه، قائلا: "راجعلك تاني"، فصوّبت رصاص بندقيتها على قدميه.

مخيم العودة شرقي مدينة غزة (موقع ملكة)، يشهد على مواقف استبسال "محمد عبدو" في تجهيز الكاوتشوك وإشعاله، وقذف جنود الاحتلال بالحجارة من مقلاعه، وإحراق العلم الاسرائيلي في "جمعة حرق العلم" التي كانت في الثالث عشر من أبريل الحالي.

18 وحدة دم

الشاب عبدو (30 عاما)، يقطن في حي الصبرة شرق مدينة غزة، في أي حدث وطني تجده عند الحدود، ومشاركته في مسيرة العودة الكبرى وكسر الحصار أمرٌ حتمي بالنسبة له، ليحقق أمنيته بالعودة إلى الفالوجة، مسقط رأس أجداده.

ويقول لـ"فلسطين": "أبدعت وتفننت في مواجهتي للجنود الإسرائيليين الذين تمركزوا خلف الكثبان الرملية في الجهة المقابلة لنا في أراضينا المحتلة، حيث قطعت السلك الشائك الأول، وكنت الوحيد الذي اجتاز نقطة الصفر وتمكنت من تعليق العلم على السلك الشائك الذي يقف خلفه الجنود".

ويضيف: "تلثمي بالكوفية وحملي لعلم فلسطين، أغاظا المجندة الاسرائيلية، فأطلقت الرصاص الحي المتفجر على قدمي، لتمنعني من المشاركة في المسيرة مرة أخرى".

ويتابع عبدو: "دخلت الرصاصة في قدمي اليسرى، لتخرج وتستقر في القدم اليمنى، فأدت إلى قطع الأربطة والشرايين والأوردة وسببت لي نزيفًا حادًا، اضطر الأطباء على إثره لتزويدي بثمانية عشر وحدة دم، وبعد العلمية قال لي الطبيب (لولا معية الله لكنتَ شهيدًا)".

"سأعود إلى الميدان مرة أخرى، حتى لو لم أتماثل لشفاء تماما، لن تقعدني إصابتي عن تحقيق حلمي بالصلاة في الفالوجة".. يقولها عبدو بنبرة ينبعث منها التحدي.

حلم العودة

الثائرة السمراء صاحبة الكوفية التي كانت تحمل الكاوتشوك وتوصله للشباب الثائرين قرب السلك الشائك، نقلت "عدوى الحميّة" لـ"عبدو"، يقول: "جعلت الدم يغلي في عروقي، وأحسست بخجل أمام ما تقوم به لتقاعسنا نحن الرجال وعدم تملكنا الجرأة للقيام بمثل ما تفعل، حينها قررت التلثم بالكوفية وعزمت على رفع العلم على السياج".

"عبدو" أبٌ لثلاثة صبية وابنتين، تعودوا على رؤيته ملثما بالكوفية في الصور التي تُلتقط له أثناء مشاركته في مسيرة العودة كل يوم جمعة، ويتعمد أن يريهم هذه الصور لكي يشبّوا ثائرين مثله وحب الوطن مزروعٌ في قلوبهم، حتى أن ابنه فادي ذو السنوات التسع، اعتاد أن يطلب منه كل جمعة: "بابا لف الكوفية على وجهي وخدني معك".

تحقق حلم العودة بالنسبة لـ"عبدو" أصبح قاب قوسين أو أدنى، إذ يوضح: "حتى منتصف مايو المقبل، حتما سنكون في أراضينا المحتلة، سنفطر أول يومٍ من رمضان فيها، بعد أن تحقق المسيرة هدفها في عودة الفلسطينيين إلى قراهم وبلداتهم".