فلسطين أون لاين

​الآلاف يشاركون في تشييع جثمانه

الشهيد "أبو طه" ودع طفلته بحضن دافئ ومضى "للوطن الأغلى"

...
والدة الشهيد تلقي نظرة الوداع على ابنها في خانيونس أمس (تصوير / ياسر فتحي)
خان يونس - ربيع أبو نقيرة

لم تتوقع عائلة الشهيد سعد عبد المجيد أبو طه (29 عامًا) أن تكون إيحاءات نجلها بالشهادة، ستكون واقعية بعد ساعات قليلة، إذ قاله لهم مودعًا: "أنا رايح أستشهد".

والدته تلقت خبر ارتقائه بصعوبة، لكنها ظلت تحمد المولى عز وجل، سيما أن أمنيته التي رددها على مسامع من حوله تحققت.

والشاب أبو طه ارتقى إثر إصابته برقبته برصاص الاحتلال، شرق مدينة خان يونس، أول من أمس، في أثناء مشاركته في مسيرة العودة في "جمعة الشهداء والأسرى".

وبعد تناول طعام الغداء، خرج من أمامي وكنت أعرف أين يقصد، فناديته وقلت له تعال، فوقف بعيدا عني للحظات، ثم انصرف، ولم يقترب مني خوفا من أن أمنعه من الذهاب نحو السياج الفاصل، تقول والدته.

وتضيف في حديثها لصحيفة "فلسطين": "جلست عند أبنائي وزوجاتهم، أستمع إلى المذياع، وأركز في أسماء الشهداء، وأعداد الجرحى، حتى جاء الخبر بعد ساعتين من ابنى الأكبر، فخرجت نحو الباب، فوجدته بوجه غير الذي ذهب به".

وتابعت أبو طه: "بكيت، وقلت له، من الذي استشهد، فقال لي إنه سعد، فقلت الحمد لله"، مضيفة: "أولادي كلهم فداء للوطن وفداء للعودة".

وأشارت إلى أنها كانت تتحسس استشهاد أحد أبنائها، قائلة: "كنت أحدث بناتي وزوجات أولادي، وأقول لهم: قلبي ينبض ويهوي، وكأنه رباط بيني وبين حادثة استشهاد نجلي".

وأشارت إلى أن نجلها كان دائما يردد: "نفسي أستشهد - أتمنى الشهادة"، مستدركة: "فقلت له لا تترك زوجتك وطفلتك، فقال لي: الوطن أغلى".

وأكدت على الاستمرار بمسيرة العودة وهي تردد: "كلنا فداء للوطن وللعودة".

أما زوجته المكلوم والتي احتضنت طفلتها رهف -عامان- بعد إلقاء نظرة الوداع عليه، والسير بموكب تشييع جثمانه، قالت: إن زوجها الشهيد كان يحب الأطفال كثيرا ويداعبهم.

وأضافت في حديثها لصحيفة "فلسطين": "عندما تزوجنا وأنجبنا رهف تعلق بها كثيرا، وأصبحت شغله الشاغل"، مشيرة إلى أنه نبع حنان لها ولوالدته وأشقائه، يحبهم كثيرا ويحبونه.

ودعت إلى الانتقام من الاحتلال الذي يتم طفلتها، قائلة: "لا أعرف كيف سأقنع رهف بفقدان والدها خاصة أنها تعلقت به".

وأشارت إلى أن طفلتها تلجأ كثيرا إلى حضن أبيها، قائلة: "وقبل ذهابه نحو مسيرة العودة، ودع رهف بحضن دافئ، وقال لي خلي بالك من البنت ثم ذهب".

وفي السياق، بدا والد الشهيد ذي اللحية البيضاء، صابرا محتسبا لفقدانه، وقال لصحيفة "فلسطين" على هامش تشييع جثمانه: "فقدان أحد أبنائي صعب، ولكنه لأجل القدس والعودة والأرض يهون ويسهل".

وعند سؤاله عن كيفية تلقي خبر استشهاد نجله، قال: "كلنا مشاريع شهادة، وأنا تمنيت الشهادة قبله، فهذا أمر اعتيادي".

وكانت آلاف الجماهير، شاركت في موكب تشييع جثمان الشهيد أبو طه الذى انطلق من مستشفى غزة الأوروبي في محافظة خان يونس، باتجاه منزله الكائن في بلدة القرارة شمال المحافظة.

وألقى ذووه نظرة الوداع عليه، في أجواء طغت عليها حالة الحزن والغضب على فراقه، ليمضي موكب الشهيد أبو طه إلى مسجد الشهداء بمدينة خان يونس، وسط هتافات غاضبة، تؤكد مواصلة مسيرة العودة.

وأدى المصلون صلاة الجنازة على جثمانه، ثم انطلق موكب التشييع نحو مقبرة العائلة غرب المحافظة، لمواراة جثمانه تحت الثرى.