تفجير بيت حانون مدان بكل عبارات الإدانة السياسية والوطنية والدينية، وهي عملية حاولت استهداف ما تبقى من بصيص أمل في تحقيق المصالحة في هذه المرحلة، لكنها كشفت المواقف الحقيقية منها، حيث لم تمر دقائق على وقوع التفجير الآثم إلا وجوقة السلطة والناطقين باسم حركة فتح ومواقعها بإيقاع واحد يرددون سيمفونية مشروخة عكست ثقافة أوسلو الذي جلب لشعبنا النكسات تلو النكسات، فضاعف الاستيطان ست مرات وقسم الشعب الفلسطيني، وجرم المقاومة وقدّس التنسيق الأمني، واعتقل المقاومين، وأعاد المستعربين والمستوطنين والجنود الذين دخلوا للقتل والتنكيل إلى الصهاينة سالمين، وأنهى حُلم قيام الدولة وحق تقرير المصير.
هذه السيمفونية الجاهزة التي لم تنتظر وانطلقت بكيل الاتهامات الجاهزة وتحميل المسؤولية المباشرة لحركة حماس بطريقة فجة تناست أن أطرافًا مجرمة كانت قد اغتالت الشهيد مازن فقها ولم تنبس ببنت شفة، ثم محاولة اغتيال قائد الأجهزة الأمنية اللواء توفيق أبو نعيم، ومحاولات تخريب عديدة فشلت ولم تؤثر على فهم حركة حماس، ولا على قراءتها للمشهد في ظل التعقيدات الكبيرة والتحديات الخطيرة؛ لأن نواياها صافية وتوجهاتها لتحقيق المصالحة صادقة، لا تبحث عن استغلال أحداث لحرف الأنظار أو التغطية على مواقف تعيبها أو تخفيها فهي واضحة في وجهتها، وصادقة في استراتيجيتها لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة.
على الرغم من أن السلطة وحركة فتح لم تصدر عنها إشارة واحدة تعكس ما جاء في حملة التصريحات وثورة اللقاءات التي تحدثت عن المصالحة دون أي دليل في الواقع بل بالعكس، كل ما صدر عن السلطة ورئيسها من إجراءات وعقابات معيقة للمصالحة وسلبية على موقف الشعب الفلسطيني عموما وفي قطاع غزة خصوصا تجاه المصالحة، حيث تمكن الرئيس والسلطة وحركة فتح من خلال سلوكهم تقليص نسبة تأييد الشعب للمصالحة الذي تجاوز ٩٥٪ بفضل إجراءات الحركة وخطابها الإيجابي وقراراتها التنفيذية في الواقع حتى هوت وتدنت إلى أقل من ١٥٪ في نسبة يأس من تحقيق المصالحة غير مسبوقة.
ما زالت السلطة متمسكة بثقافة أوسلو اللا وطنية فضلًا عن التزامها بالبنود التي تتعارض مع حقوق الشعب الفلسطيني وهيبته الوطنية بصفته شعب يرزح تحت الاحتلال يقتضي أن يسمح له مقاومة الاحتلال بكل الوسائل من أجل استعادة حقوقه وليس التنسيق مع الاحتلال لمنعه من المقاومة وتأبيد احتلاله للأرض والإنسان.
حان الوقت للسلطة أن تترفع عن كل سياستها التي لا تخدم الشعب الفلسطيني وتوقع أكبر الضرر عليه، وأن تتأكد من أن الاستقواء بالاحتلال مقابل التنسيق الأمني عار، وأن خيار الشعب تحقيق المصالحة والوحدة الوطنية الحقيقية بعيدًا عن استغلال أعمال إجرامية عاجلًا أو آجلًا ستكشف الأجهزة الأمنية من يقف وراءها، وسيعاقب أمام الشعب مرتين، مرة لأنه استهدف موكب الدكتور الحمد الله وأخرى على محاولة قتل الأمل في تحقيق المصالحة وإنجاز الوحدة.