قد لا يحتاج الجريح طارق أبو جلهوم إحياء يوم الجريح الفلسطيني الذي يوافق 13 مارس/ آذار من كل عام، لتذكيره بالإعاقة التي ألمَّت به، بقدر ما هو بحاجة إلى دعم صموده وإصراره على مواصلة النضال والتصدي لقوات الاحتلال وقرارات الإدارة الأمريكية العدائية ضد شعبنا الفلسطيني وحقوقه.
في الـ15 من ديسمبر/ كانون الثاني لعام 2017، قرر أبو جلهوم البالغ (18 عامًا) التوجه إلى الحدود الشرقية لبلدة جباليا شمال قطاع غزة.
ويقول إنه أراد المشاركة في المسيرات الاحتجاجية قرب السياج الفصائل مع قطاع غزة؛ للتنديد بإعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن القدس.
وكان ترامب أعلن في السادس من ديسمبر الماضي، مدينة القدس الواقعة تحت الاحتلال منذ سنة 1967، عاصمة لـ(إسرائيل)، الأمر ذلك أثار ضجة عربية وعالمية.
ويضيف أنه لم يحتمل الجلوس في بيته ومشاهدة أبناء شعبه يشاركون في فعاليات الاحتجاج على الإعلان الأمريكي.
ويشير إلى أنه شارك في جمعة الغضب آنذاك بإشعال الاطارات المطاطية، وإلقاء الحجارة صوب جنود الاحتلال المحصنين ويطلون ببنادقهم القناصة والرشاشة من خلف الثكنات العسكرية.
وبينما كان يهتف ضد الإعلان الأمريكي قرب السياج الفاصل، شرقًا، أصابت رصاصة متفجرة مفصل الركبة في ساقه اليسرى.
ويقول أبو جلهوم إن الرصاصة ما إن أصابتني حتى تسببت بتهتك المفصل، وعلى اثر ذلك نقلت إلى مستشفى الشفاء لإجراء العمليات الجراحية وتقديم العلاج اللازم.
ويشير إلى أنه مكث مدة شهر كامل يتلقى العلاج بعد أن بترت ساقه بسبب الرصاصة المتفجرة.
وكان أبو جلهوم يرسم مستقبلاً باهرًا لتحقيقه خلال أعوام عمره، لكن جيش الاحتلال أراد له غير ذلك. وقد تسبب بإعاقته كما حدث مع الآلاف من الفلسطينيين.
ولم يعد الشاب قادرا على الحركة إلا بواسطة عكازيْن طبييْن.
وتقول أوساط حقوقية، إن قوات الاحتلال المتمركزة خلف السياج الفاصل مع غزة، استخدمت القوة المفرطة في قمع المتظاهرين بعد الإعلان الأمريكي.
ويبدو أبو جلهوم على يقين تام لو أن ترامب لم يصدر إعلانه بشأن القدس، لما أصيب وبترت ساقه. ويقول: إن "جيش الاحتلال وترامب يتحملان المسؤولية".
ويتساءل الشاب عن سبب استخدام جيش الاحتلال الرصاص المتفجر ضد المتظاهرين السلميين؟.
لكنه يدرك أن حادثة استشهاد الجريح المقعد إبراهيم أبو ثريا، الذي أطلق عليه أحد جنود الاحتلال رصاصة اخترقت جبينه واستقرت في رأسه شرق حي الشجاعية، كانت دليلا على مدى عنجهية الاحتلال وعنفه في قمع المتظاهرين.
ويقول إنهم مهما فعلوا بنا (جنود الاحتلال)، فإننا "لن نتنازل عن شبر واحد من القدس، فهي لنا وليس لليهود أي حق فيها".
ويتمم أبو جلهوم بمناسبة يوم الجريح الذي يوافق اليوم، إنه يعرف أن ساقه التي فقدها بفعل إصابته بطلقةٍ إسرائيلية، لن تكون أغلى من القدس وفلسطين، لكنه لن يغفر بتاتًا لمن تسبب بهذه الاعاقة في مطلع شبابه.