كم تؤثر الكلمة في حياتِنا وتحولُها من حياة كلها سعادة وفرح إلى حياةٍ كلها تعاسة وشقاء.
جلستُ مع نفسي وظلَّ سؤال يشغل بالي ويدور في فلك ذهني كالطائر الغريق، كم تساوي الكلمة في قاموسنا يوميا؟ وجدتُ حالي أدورُ في دوامةٍ لا أستطيع الخروجَ منها إلا بالبحث العميق فتجولت في بحار الكتاب وقرأتُ في علمِ البرمجة اللغوية العصبية “NLP”، أحد العلوم الحديثة لعلي أجد ضالتي فوجدت العجب، واستغربت لعلَ الغريبَ في الأمر ما وجدته أني مُبرمجٌ عليه، بمعنى أني متعودٌ على تنفيذه تلقائيا، فالدراسة تقول إن العقلَ اللاواعي يتحكم بـ95% من تصرفاتنا اليومية ونحن مُبرمجون عليها.
فمثلاً، عندما تدخلُ قاصدا مصعد ما، ولو علمتُ مسبقا بأن ذلك الشخص الناظرُ أمامَ المصعد قد طلبه، فقد تمدُ يدك على الزرِ بشكل تلاقي لتطلبَ المصعدَ، مع أن الشخصَ الأخر قد نفذَ نفسَ الأمرِ من قبل. ومن تلك الأشياء المبرمجة في اللاوعي أنك معتادٌ على البعد عن النار، ويدك التي تهرب عندما تلمس شيء ساخن قبل حتى أن تفكر كيف حدث هذا، كلُ هذه الأشياء مبرمجٌ عليها والقرارات التي تستطيع التحكم فيها بشكل مطلق لا تتعدى 5 % فقط دون الأشياء التي تحدث بشكل تلاقي، وهذا العلم يتحدثُ عن إمكانية التحكمِ في العقل اللاواعي وبرمجته من خلال تقنياتِ البرمجة اللغوية العصبية كالاسترخاء والربط والإرساء وغيرهم من التقنيات.
والكلماتُ التي نتحدثُ بها تؤثرُ علينا سواءً بالإيجابِ أو السلب وعقلنا كالمزرعة وتصرفاتنا نتاجُ حصادِ ما زُرع في عقولنا وكلُ كلمة نتلفظ بها محاسبون عليها من عقلنا اللاواعي وستُبرمج فيه وتصبحَ واقعاً إذا كررت عدةَ مرات، فعندما تخاطبُ نفسك وتقول لك أنكَ فاشل سوف يبرمجُ عقلُك على ذلك كجهاز الكمبيوتر وثق تماماً أن الفشلَ حليفك بناءً على ما قلت لنفسك والعكسُ صحيح.
الكلمات التي نتحدث بها تترجم على شكل سلوكيات وأفكار ومشاعر، وهناك قاعدة في البرمجة اللغوية العصبية تؤكد هذا الترابط بين الأفكار والمشاعر والسلوكيات فمثلاً عندما تقول هذه العبارة “أنا سعيد هذا اليوم” بالتأكيد ستشعر بالسعادة وتجد أن أفكارك تجرك إلى أفعال وتصرفات تجعلك سعيد.
الكلمة التي تتحدث بها كالإدخال على الحاسوب يكون لها تأثير؛ فأختر الكلمات التي تساعدك على التفاؤل والأمل والنجاح وابتعد عن الكلمات التي تجعلك حبيس اليأس والفشل.