الوعي الجنسي المبكر
في الوقت الذي يتعمد الإعلام الغربي وضع علامة + 18 بجوار المواد الإعلامية التي تحتوي على إيحاءات ومشاهد جنسية, خشية المساءلة القانونية التي قد يتعرض لها المصدر الإعلامي للضرر بالأطفال دون سن 18, لا نكترث نحن كمجتمع شرقي وإسلامي لما تبثه القنوات العربية والغربية لأبنائنا بل ومن الوارد أن تجتمع الأسرة بالكامل أمام أحد الشاشات لتشاهد فيلما أو مسلسلا لا يخلو من الإيحاءات أو المشاهد الجنسية, وقد نوفر لهم الوصول لمواقع إباحية سواء عن طريق الألعاب أو غيرها عبر الإنترنت, دون رقابة أو توعية أو منع, غير مبالين للضرر الذي نعرض له أطفالنا بتعريضهم للوعي الجنسي المبكر, وبطريقة غير صحية, ثم نستغرب كيف ينحرف الأطفال في سن مبكرة ويقعون فريسة للانحرافات العاطفية والجنسية التي قد تدمر حياتهم. فلا قانون يردعنا ولا دين يلزمنا بحفظ البراءة الفطرية لدى أطفالنا.
الحرية المطلقة أذى
يتنافس الآباء في الطبقات البرجوازية المدعية للتحضر لمنح الحرية المطلقة لأطفالهم, فتجدهم يوفرون لهم كل وسائل الانفتاح على العالم بالإضافة لمنحهم حرية التنقل والسفر واختيار الأصدقاء دون رقابة أو توجيه وإرشاد. وما يثير العجب هو انضمام الطبقة المتوسطة وحتى الفقيرة في هذا التنافس, فلم تبق مدينة أو قرية أو نجع في المجتمع الشرقي إلا ودخله الإنترنت وأصبح الاشتراك في شبكته حلم الصغير قبل الكبير, ومع غياب الرقابة فنحن ندفع المال لنجلب الأذى لأطفالنا بدلا من تقديم الحماية والرعاية والتربية السليمة لهم.
إن كل من يفتح في بيته نوافذ التواصل مع العوالم الخارجية الافتراضية منها والحقيقية عليه أن يعرف المعايير والمحاذير لهذا الانفتاح وليعلم أن المنع جزء من التربية والحماية وليس تقصيرا أو تضييقا على الأبناء.
الإهمال العاطفي أذى
في زحمة الانشغال والسعي وراء توفير لوازم العيش يغفل الأهل عن أهم مقومات بناء الإنسان وهو التعزيز العاطفي, فتتباعد المسافات بين الآباء والأبناء وكذلك تجف العلاقات بين الإخوة في ذات المنزل, فكل منشغل بعالمه الافتراضي ويعيش أخطاءه وانحرافاته بمفرده, بعيدا عن عيون الآباء و دون حضن الأسرة الذي يضم ويرشد ويعزز. ثم نستغرب عندما يرتكب أبناؤنا أخطاء جسيمة أثناء غفلتنا عنهم وعن احتياجاتهم العاطفية, التي تكفل لهم تجنب الأخطاء والعودة من بدايات الطرق الخاطئة قبل التوغل والغوص في مستنقعاتها.
إهمال الروحانيات أذى
نحن مجبرون كآباء أن نعد أبناءنا إعدادا سليما عاطفيا وإنسانيا ليكونوا أفرادا صالحين في المجتمع, ومن نعم الله علينا كمسلمين أن طرائق التربية السليمة واضحة بالنسبة لنا من خلال السنة النبوية التي لم تترك كبيرة ولا صغيرة في التربية إلا وتطرقت إليها, بدءا من ملاعبة الأطفال سبع سنوات لإشباع طاقة اللعب لديهم وإعدادهم لتقبل التكليف, ثم أمرهم بالصلاة لغرس الروحانيات في نفوسهم, ثم معاقبتهم على ترك الصلاة عند العاشرة من باب الإعداد للتكليف وتحمل المسؤولية والتفرقة بين الأبناء في المضاجع في ذات السن لبداية الوعي الجنسي لديهم ولحمايتهم. ومن ثم تأديبهم بالآداب الإسلامية سبع سنوات أخرى ومن بعدها مصاحبتهم سبعاً غيرها أي التعامل معهم كأصدقاء لما في ذلك من ضمان استمرار العلاقات المتينة بين الآباء والأبناء وإرشادهم عند وقوع الخطأ أو الانحراف العاطفي.
كلنا راع ومسؤول عن رعيته
إن الآباء الذين يدعون عجزهم عن السيطرة على تصرفات أبنائهم في سن المراهقة قد أخفقوا في مرحلة تربوية سابقة لا شك. وأولئك الذين يتفاجؤون من علاقات أبنائهم الغرامية وانحرافاتهم السلوكية والجنسية لم يقوموا بدورهم التربوي والعاطفي والروحاني كما يجب منذ البداية.
ويعد تهاون الأبناء في أداء الفرائض و كراهية ارتداء الزي الشرعي من قبل المراهقات نتيجة حتمية لإهمال التهيئة السليمة وصناعة العادة والترغيب الملائم في طاعة الله من خلال اتباع أوامره .
ولعل كل الأخذ بالأسباب الذي يضمن إنتاج جيل سليم لا يمكن أن يضمن النشأة السليمة مئة بالمئة ولذلك نحن كمسلمين علينا بالدعاء دوما ليستقيم أبناؤنا ولتستقيم دروبهم فنستودع الله أخلاقهم ودينهم كل يوم, وندعو بدعاء خليل الرحمن إبراهيم, (رب اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي ربنا وتقبل دعاء).