فلسطين أون لاين

​التطوع علاجٌ نفسيٌ للقائم به

...
غزة - نسمة حمتو

لا شك أن العمل التطوعي من الأعمال السامية التي يرتفع بها المتطوع ويرتفع معه المجتمع، حيث يسود التعاون والتعاضد بين الناس، حينما يعطي الإنسان أغلى ما يملك ويبذل أحب الأشياء لقلبه في سبيل الآخرين، هذا البذل لن يُسعد الآخرين فحسب، وإنما سيكون مصدر سعادة لمن قام به أيضًا، فللتطوع آثارٌ عظيمة على نفس المتطوع.

فوائد كبيرة

مدرب التنمية البشرية صابر أبو الكاس، قال: إن "للعمل التطوعي أهمية كبيرة وفوائد أكبر ربما غفل عنها الكثيرون، خاصة الذين لم يجربوه، ومن هذه الفوائد أنه مساحة لتفريغ طاقات الشباب فيما هو مفيد وليس فيما هو ضار، الأمر الذي يساعد في تطويره وتطوير المجتمع".

وأضاف لـ"فلسطين" أن "التطوع علاج لعدد من الأمراض النفسية كما أفاد بذلك خبراء علم النفس، حيث إن هناك برامج سلوكية يستخدمها الأطباء النفسيون بتوجيه المرضى للتطوع بصورة خاصة لعلاج بعض الحالات من الاكتئاب، أو نقص الثقة، أو القلق، وتكون ممارسة العمل التطوعي بشكل دوري جزء أساسي من العلاج، حسب حالة المريض".

وتابع: "للتطوع فوائد معنوية تعود على الشخص جراء تقديم الخدمة للآخرين ومساعدتهم، وقد قال في ذلك أحد الحكماء (أسعدُ الناس مَنْ أسعدَ الناس)، فسعادة الشخص تكمن في إدخال السعادة على الآخرين".

ومن علامات الصحة النفسية للشخص بحسب الأمم المتحدة: "شخص يعمل عملاً لآخرين دون نفع مادي، هو يشعر ويحس بالآخرين ويشاركهم همومهم في حل مشكلات المجتمع الذي يعيش فيه وهو ليس متقوقعًا على نفسه ينفع نفسه فقط ويحتكر المنفعة على ذاته".

وأكد أبو الكاس: "فوائد التطوع كثيرة جداً لا يمكن حصرها، لذا ننصح الناس بأن يخوضوا تجربة التطوع وحينها سيعرفون المزيد من الفوائد".

أما عن نظرة البعض للتطوع على أنه عمل استغلالي من قبل البعض ولا يعطي الأشخاص حقهم، فبيّن: "التطوع يُسمى استغلالًا إذا كان هناك من يوظف المتطوعين لأهداف غير سوية، كأن يستغل المتطوع في تحقيق أهداف شخصية أو حتى أهداف لا تتساوق مع أخلاقيات العمل التطوعي".

خير مثال

وللتأكيد على النتائج الإيجابية للتطوع على نفسية القائم به، ضرب أبو الكاس مثالا: "أحد الأثرياء أصيب بحالة من الاكتئاب، هذا الذي لا ينقصه شيء من احتياجات كل إنسان من مطعم ومشرب ونعيم، إلا أنه فقد الراحة والسعادة، فنصحه أحد أصدقائه أن يتطوع وأن يخدم الآخرين كي يحصل على سعادته المفقودة، فتطوع في خدمة أطفال أيتام من ذوي الاحتياجات الخاصة، حيث قدم لهم ما يحتاجونه وساهم في توفير كراسي متحركة لهم، وبينما أخذ يودع الأطفال ليغادر المكان، تشبث أحد الأطفال به قائلا له: (ابقَ معنا ولا تتركنا، أنا شعرت أنك والدي وأحببتك كثيراً)، وهنا انفجر الرجل بالبكاء، إنه بكاء السعادة التي انتابته بعدما تطوع وأعطى، حتى أنه قال بعد تجربة التطوع (أنا أشعر الآن بسعادة لم أشعر بها من قبل في حياتي)".