فلسطين أون لاين

​الوقود والكهرباء.. ماء وهواء الطفليْن "مؤيد" و"هشام"

...
غزة - أدهم الشريف

يثير تفاقم أزمة الكهرباء في مستشفى الشهيد محمد الدرة، شرقي مدينة غزة، بفعل النقص الحاد في كميات الوقود وانقطاع التيار لساعات طويلة، مخاوف والدتي الطفل هشام منصور البالغ (عاما ونصف العام)، والرضيع مؤيد الريفي ويبلغ عمره (شهرين).

ولا تتمنى الوالدتان فقدان نجليهما المصابين بالتهابات حادة وأمراض مختلفة، ألزمت طفليهما مستشفى الدرة للأطفال، شرقي مدينة غزة، منذ أيام.

وخلال مبيتها لأربع ليالٍ متتالية، حاولت حليمة منصور (35 عامًا) الحصول على صورة أشعة لابنها هشام لكنها لم تستطع بفعل انقطاع الكهرباء لساعات طويلة.

تبدو الأم حزينة إلى حدٍ كبير على ابنها ذي الشعر الأشقر والعينين الخضراوين، وتلازمه على سرير العلاج منذ أن جاءت به قبل أيام.

تقول لصحيفة "فلسطين"، إن طفلها يعاني من التهابات في الصدر، ويحتاج إلى صورة أشعة حتى نعرف كيف حالته ونطمئن عليه.

وتتابع باستمرار مع الأطباء خشية تفاقم الحالة الصحية لهشام.

ويعاني مستشفى الدرة أزمة اثر نقص حاد في الوقود تزامنًا مع استمرار انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة.

ويلاحظ في الدرة، الذي يوفر الرعاية الصحية للأطفال في شرق مدينة غزة، توقف مصدري الطاقة فيه.

وعملت إدارة المستشفى على توفير الإنارة لبعض الأقسام، عبر "الليدات" _الشبكات المتعارف عليها غزِّيًا_ والمستخدمة للإنارة خلال ساعات انقطاع الكهرباء.

وشاهدت صحيفة "فلسطين" كيف أن بعض أقسام الدرة أخليت من مرضاها ودمجت مع أقسام أخرى لتوفير الطاقة.

كما لاحظت كيف أن أقساما نقلت بالكامل خشية على حياة الأطفال المرضى، ومنها قسم العناية المركزة الذي أخلي تمامًا إلا من سرير واحد.

غير أن بهاء الريفي (40 عامًا) والدة الطفل مؤيد، تريد البقاء مع نجلها في الدرة، كونه قريبا من بيتها في حي التفاح، شرقي مدينة غزة.

تقول لصحيفة "فلسطين"، إنها لم تشعر بوجود أزمة من قبل، مثلما تشعر الآن بانعكاسها على حالة طفلها الرضيع مؤيد، الذي يعاني من التهابات صدرية جعلته حبيس أسرة العلاج منذ يومين على الأقل.

ولم تستطع هي أيضًا الحصول على صورة أشعة لنجلها بسبب انقطاع الكهرباء.

وتعرف الأم مستشفى الدرة منذ سنوات، إذ إنها لم تبِت فيه للمرة الأولى أثناء مرافقتها لمؤيد، وتتذكر جيدًا نجلها مؤمن حين كان مريضًا وتأتي به للحصول على العلاج.

وتقول إنها كانت ترافق مؤمن (15 عامًا حين توفي قبل 9 سنوات)، أثناء فترة علاجه حين كان يعاني من مشاكل صحية في الرئة وبحاجة إلى زراعة واحدة جديدة. "فكلما أدخل المستشفى اتذكر كل لحظة قضيتها برفقته هنا".

وتخشى الأم المكلومة، من أن تتفاقم الحالة الصحية لمؤيد في ظل استمرار أزمة الكهرباء وتوقف الاجهزة الطبية اللازمة لإجراء الفحوصات وتقديم العلاجات المناسبة للأطفال المرضى.

وتتساءل "عن الذنب الذي ارتكبه هؤلاء الأطفال ليعاملوا هذه المعاملة؟".

كانت بهاء تتحدث وهي تجلس إلى جانب مؤيد في إحدى غرف الرعاية الصحية في المستشفى، ومن حولها أمهات يرافقن أبناءهن منذ أيام، ولا يعرفن معالم مستقبل أطفالهن؟، إذا استمرت الأزمة.

ويقدم المستشفى؛ الخدمة الصحية لقرابة 100 ألف طفل، في منطقة شرق غزة المكتظة بالسكان، حسبما يقول مديره الدكتور ماجد حمادة.

وقال لصحيفة "فلسطين"، إن الأطفال في أحياء الدرج والتفاح والشجاعية والزيتون وجنوب جباليا، يستفيدون من الخدمات الطبية للدرة.

ويبلغ عدد أسرَّة العلاج في أقسام وغرف المستشفى، 90 سريرًا، مقسمة على الرعاية اليومية والمبيت والعناية المركزة، بحسب حمادة.

وكان مستشفى الدرة يستقبل حالات تتلقى العلاج وتغادر مباشرة، وحالات أخرى تحتاج إلى تركيب رعاية ومتابعة لـ24 ساعة، والحالات الأكثر صعوبة تدخل أقسام المبيت، والأكثر حرجًا وحياته مهددة بالخطر، يتم إدخاله العناية المركزة.

لكن بفعل أزمة الكهرباء وتوقف بعض الأقسام، بات يقدم خدمة صحية أشبه بالرعاية الأولية، كما يقول.

وقال حمادة: إنه منذ سبعة أيام ومولدات الكهرباء في المستشفى متوقفة عن العمل".

ولدى الدرة مولدان كهربائيان، والقول لمديره ماجد حمادة، يستهلك أحدهما 15 لترًا في الساعة الواحدة، والآخر يستهلك 20- 25 لترًا في الساعة.

وقال إن نقص الوقود وتوقف المولدات، أثرا على جودة الخدمة الصحية ونوعيتها في المستشفى.

وأضاف: لم نتلقَ أي استجابة لنداءاتنا من أي جهة سواء الجهات الرسمية أو الاغاثية أو المنظمات الحقوقية والإنسانية.

واسم الدرة، اطلق على المستشفى الوحيد في شرق مدينة غزة، تيمنًا بالشهيد محمد الدرة، والذي قتله جيش الاحتلال بالرصاص أمام مرأى العالم، مطلع انتفاضة الأقصى التي اندلعت في سبتمبر/ أيلول لعام 2000.

وكان جمال الدرة والد الشهيد محمد، قال لصحيفة "فلسطين" خلال زيارته للمستشفى الذي يحمل اسم نجله، مؤخرًا، إنه يرى موت الأطفال المرضى، مثلما رأى موت ابنه في أحضانه قبل سنوات.