فلسطين أون لاين

نقص في الأدوية والمستلزمات الطبية

سارة ومعين ورفيف وأحمد يواجهون خطر الموت بغزة

...
غزة- أدهم الشريف

يتابع الأطباء باهتمام حالة أربعة أطفال يرقدون على أسرَّة العلاج في قسم العناية المركزة، بمستشفى عبد العزيز الرنتيسي، في مدينة غزة.

ويؤكد الأطباء أن الأطفال المصابين بأمراض مستعصية باتوا يواجهون خطر الموت أكثر من أي وقت مضى، مع تصاعد الأزمات في قطاع الصحة بغزة، في وقت حذرت فيه أوساط مختلفة من أن يصاب القطاع بكارثة إنسانية مع استمرار الحصار.

ويأتي ذلك وسط تحذيرات من تأثير انقطاع التيار الكهربائي على هؤلاء الأطفال المقيدين بأجهزة طبية علاجية، وأخرى لإمدادهم بالأكسجين، يتطلب عملها استمرار وصل التيار الكهربائي.

يقول اختصاصي قسم عناية الأطفال المركزة د. عبد الحكيم شهاب: "إن الأطفال الأربعة في حالة صحية صعبة جدًّا، وهم لا يحتملون انقطاع الكهرباء لحظة واحدة".

ويشرح شهاب لصحيفة "فلسطين" حالة هؤلاء الأطفال، الغائب بعضهم عن الوعي تمامًا: "إن الطفلة سارة الشوا البالغة من العمر (3) أعوام تعاني من تشنجات مستمرة، وهي بحاجة إلى علاجات على مدار الساعة".

أما الرضيع معين رضوان (3 أشهر) فكان يعاني من توقف في عضلة القلب والتنفس، وأنعش، وليس بإمكانه الاستغناء عن جهاز التنفس الاصطناعي.

في حين أن رفيف البحطيحي (شهران) يعاني من عيب خلقي في القلب، وأجريت له عملية جراحية، ويحصل على علاج حتى يصل الأكسجين في الدم إلى نسبة معينة، إلى حين التمكن من إجراء تحويلة طبية له لإجراء عمليات أخرى له خارج قطاع غزة.

أما أحمد العكلوك (3 أعوام ونصف) فهو يعاني من أزمة صدرية والتهابات شديدة في الصدر، وموصول بجسده جهاز تنفس اصطناعي.

ويؤكد شهاب أن انقطاع التيار الكهربائي فعلًا يهدد حياة هؤلاء الأطفال المرضى، قائلًا: "سنواجه مشكلة كبيرة، إن توقفت أجهزة التنفس الاصطناعي".

ويلفت إلى وجود نقص في الأدوية وبعض المحاليل والمضادات الحيوية والمستهلكات الطبية، وأدوية خاصة بأمراض مزمنة.

ويستقبل "عناية الأطفال" في مستشفى "الرنتيسي" الأطفال المرضى من سن شهر واحد حتى 12 عامًا، بحسب إفادة شهاب، الذي يبين أن أربعة أسرَّة فقط في قسم عناية الأطفال المركزة من أصل 10 كان من المقرر أن توضع في "العناية"، لكن باقي الأسرة استخدمت في أقسام أخرى بسبب النقص الحاصل.

يضيف اختصاصي قسم عناية الأطفال المركزة: "إن المستشفى يواجه نقصًا في عدد الأطباء والممرضين، والمعدات الطبية، وإمكانات تلزم لعلاج المرضى".

وتعاني مستشفيات قطاع غزة من نقص حاد في الوقود تسبب بتوقف عمل مستشفى بيت حانون، شمالي القطاع، عن العمل، أخيرًا.

مخاوف قائمة

وأثار هذا مخاوف المرضى وذويهم والأطباء والجهات الرسمية في غزة.

يبين أحمد بربخ أنه يعيش في حالة قلق على حياة نجله إياد (11 عامًا) الذي يعاني من فشل كلوي، وتجرى له عملية الغسل أسبوعيًّا 3 مرات، بسبب أزمة نقص الوقود المتفاقمة.

ويأتي بربخ من مدينة خان يونس جنوب قطاع غزة مستشفى الرنتيسي ثلاث مرات أسبوعيًّا، حتى يجرى لنجله إياد عملية غسل الكلى.

يقول لصحيفة "فلسطين": "لا أستطيع التأخر في إحضاره"، مضيفًا: "آتي به عبر مركبة إسعاف، حفاظًا على حياته، فحالته حرجة ويحتاج إلى عناية فائقة".

ويلفت إلى أنه لم يحصل على تحويلة طبية، بسبب عدم تغطية السلطة الفلسطينية تكاليف العلاج اللازم خارج قطاع غزة.

يتابع: "إن الأطفال مرضى الفشل الكلوي بحاجة ماسة إلى علاجات وأدوية تقوي أجسادهم، بعد كل عملية غسل كلى".

ويخشى بربخ الأب لأربعة أطفال توقف عمل مستشفى الرنتيسي، بسبب النقص في الوقود.

وكان الناطق باسم وزارة الصحة في غزة د. أشرف القدرة أرجع أسباب وقف العمل في مستشفى بيت حانون إلى نفاد الوقود، وعدم قدرة الوزارة بغزة على شرائه في ظل انقطاع التيار الكهربائي ساعات طويلة، وأن كل ساعة عمل لمولدات "الصحة" تكلف 2000 دولار، في وقت توصل فيه الكهرباء لسكان قطاع غزة أربع ساعات مقابل 16 ساعة قطع.

بدوره يقول المدير العام لمستشفى الرنتيسي د. محمد أبو سلمية: "إن الكهرباء للمرضى في مستشفى الرنتيسي كالماء والهواء للحياة".

ويبدي أبو سلمية خشيته تفاقم الأزمة ووصولها إلى مستشفى الرنتيسي، الذي يقدم خدماته الصحية إلى مرضى السرطان والكلى والقلب، وغيرهم من المرضى.

يضيف: "دون كهرباء سيصبح المستشفى مقبرة للأطفال".

ويشير إلى أن أقسام المستشفى تضم: صيدلية العلاج الكيميائي، وغسل الكلى، والعناية المركزة، وقسم المناظير، مبينًا أنها جميعها تحتاج إلى كهرباء على مدار الساعة، وانقطاعها لحظات يعرض حياة المرضى إلى الخطر الشديد.

ويؤكد أبو سلمية أن العالم بات يعرف معاناة المرضى في غزة، وأنهم ما زالوا يناشدون لجذب انتباه الجميع إلى هذه المعاناة.

يقول: "إن الاستجابة لمرضى غزة ما زالت ضعيفة، لكننا ما زلنا نطالب الحكومة (برئاسة رامي الحمد الله) بدعم القطاع الصحي للحفاظ على حياة المرضى".

ويختم: "إن الموت سيكون محققًا للمرضى في المستشفيات، إن لم ترفد بالوقود والأدوية والمستهلكات الطبية اللازمة، حتى تقوم بدورها في خدمة المرضى".