فلسطين أون لاين

​مدير عام المستشفيات في غزة د.عبد اللطيف الحاج لـ"فلسطين":

أزمة خانقة تمس كل مكونات الخدمة الصحية في مستشفيات القطاع

...
غزة - يحيى اليعقوبي

أكد مدير عام المستشفيات الحكومية في قطاع غزة بوزارة الصحة د.عبد اللطيف الحاج أن القطاع الصحي دخل أزمة خانقة تمس كل مكونات الخدمة الصحية, وتهدد حياة المرضى في المستشفيات بالقطاع، مشيرا إلى أن دعم المستشفيات من قبل وزارة الصحة برام الله يتراجع بشكل حاد، وأن هناك 47% من الأصناف الأساسية رصيدها صفر، وأن الشاحنات التي ترسلها تحتوي على محاليل وأدوية عادية، وتخلو من قوائم الأدوية المهمة التي تحتاجها المستشفيات بغزة.

وحذر في الوقت ذاته، من أنه إذا بقيت الأوضاع على ما هي عليه، فإنه لا أحد يستطيع التنبؤ بخطورة ما يجري، والذي سيؤثر بشكل كبير على المرضى، مشيرا إلى أن الوفيات التي حدثت لأطفال حديثي الولادة نتيجة عدم توفر بعض الأدوية اللازمة لاستقرار الجهاز التنفسي لديهم.

وقال الحاج في حوار مع صحيفة "فلسطين" أمس: "إذا انساق هذا الأمر على كافة الخدمات سنجد انفسنا أمام فقدان أرواح جراء حدوث مضاعفات لا نستطيع التمكن من معالجتها في أقسام حرجة مثل العناية المركزة، وعدم القدرة على إجراء عمليات"، لافتا إلى أن المستشفيات تسيّر الأوضاع حاليا باستعمال أدوية بديلة قد تختفي بعد أسابيع وهنا تكمن المشكلة.

حقيقة الشاحنات الطبية

وأفاد أن الشاحنات المحملة بالأدوية التي أشار إليها بيان الحكومة أول من أمس والبالغ عددها 40 شاحنة أدوية وردت لقطاع غزة خلال أسبوعين ماضيين، معظمها تحتوي على محاليل، وبعض الأدوية الاعتيادية والمضادات الحيوية وأدوية الضغط تعالج الرعاية الأولية التي لا تسد احتياجات المستشفيات بغزة".

وقال الحاج: "إن هذه الشاحنات لا تحتوي على أنواع الأدوية الهامة التي تريدها المستشفيات والتي لم يصل الكثير منها بعد، والمتعلقة بمرضى الأورام ، وأدوية العناية المركزية والتخدير العام والنصفي والموضعي، والأدوية الهامة في المضادات الحيوية الأساسية، كذلك انعدام محلول مطهر البولودين متسائلا: " لدينا قائمة أصناف لم تصل في تلك الشاحنات فما الفائدة من الحديث عن وصول شاحنات، إلا إذا كان الأمر دعاية إعلامية؟".

ونبه إلى أن توريد الشاحنات الطبية اليوم يتم بطريقة مختلفة عما كان سابقا، بحيث ترسل وزارة الصحة في رام الله بضع شاحنات يوميا لغزة، والأصل أن تأتي تلك الكمية خلال ثلاثة أيام كما كان سابقا، مبينا أن بهذه الوتيرة البطيئة جدا من إرسال الشاحنات ربما ستستمر أشهر حتى تصل، خاصة أن ما يصل يتم استهلاكه، في ظل عدم سد النقص الحاد وغياب بعض الأصناف، لافتا إلى أن هذه الشاحنات ترسل من مخازن الوزارة في رام الله على الأرجح قادمة من مساعدات خارجية، وهو حق أساس لمرضى القطاع.

أدوية مفقودة

وأكد الحاج أن الحكومة لم تتخذ أي خطوة جدية لضمان تزويد المستشفيات بما تحتاجه من أدوية يحتاجها المريض بمفاصل هامة بالخدمات التي يتلقاها، أو بخصوص المستهلكات الطبية الهامة التي تحتاجها المستشفيات لضمان قدرتها على تقديم خدمات في العمليات الدقيقة.

وحول تأثير غياب أدوية الأورام على المرضى، أشار إلى أن المستشفيات بغزة تضطر لتحويل مرضى الأورام إلى خارج القطاع, 50% منهم يتم رفضهم عبر معبر بيت حانون "إيرز"، أو بقاؤهم في مستشفيات غزة مما يزيد وضعهم الصحي سوءًا ويهدد حياتهم.

ولفت مدير عام المستشفيات في هذا الإطار إلى انعدام الخيوط الطبية الضرورية التي دونها لا يمكن إجراء بعض العمليات الهامة، وانعدام الدعامات في القسطرة القلبية منذ فترة، قائلا: "لا حياة لمن تنادي"، مما يدفع المستشفيات بغزة لتحويل المرضى لعيادات خاصة بغزة بتكلفة أضعاف عن تكلفة تزويد المستشفيات الحكومية بالأدوية اللازمة لعلاج مرضى الأورام والقسطرة القلبية في ظل وجود الكادر البشري المؤهل.

ونبه الحاج إلى أن آليات العمل في الضفة تختلف عن العمل بغزة بموضوع السلف المالية، موضحا أن المستشفيات بالضفة تستطيع شراء الأدوية مباشرة من خلال الحساب المالي أو ما يسمى بالسلف المالية التي تبلغ أعلى بكثير مما هو كان مقررا لغزة.

وتابع: "عندما ينقص أي دواء بأي مستشفى بالضفة يتم اجراء معاملة سريعة من قبل المستشفى وشراؤها مباشرة، في المقابل لا يوجد أي سلفة نقدية في قطاع غزة ليس لشراء دواء بل لتغيير مصباح كهربائي أو القيام بأية أعمال صيانة أو سباكة، باعتبار أن هذه السلف كانت عماد المستشفيات"، مؤكدا أنه لا يوجد أي سلف مالية داخل المستشفيات وهذا ما يفاقم المشكلة.

الخطة "ب"

وحول أزمة الوقود، أكد الحاج أنه لم يتم تزويد المستشفيات بأي لتر اضافي من الوقود منذ عدة أشهر، وأن مخزن وزارة الصحة بدأ ينضب، وينذر بأن الخطر بدأ يدق، مما دفع الوزارة بغزة لتفعيل سياسة الترشيد والتقشف داخل المستشفيات باعتماد الخطة "ب"، وهي التي تحجب الطاقة الناتجة عن المولدات عن الخدمات المساعدة داخل المستشفيات، من أجل تشغيل المولد بقدرة متوسطة، وتوزيع ما تبقى من وقود على مولدات المستشفيات التي تقدم الخدمة حسب أهميتها.

وعزا مدير عام المستشفيات تلك الخطوة لعدم وضوح أي قرار بإرسال شحنات وقود جديدة، والتي أدى لتوقف الخدمة أمس في مستشفى بيت حانون، مشيرا إلى أن الوقود داخل المستشفيات تتراوح نسبة نفاده من أيام إلى أسابيع باختلاف طبيعة وحجم المستشفيات، محذرا: "لو توقفت مولدات الطاقة بمجمع الشفاء الطبي سنفقد أرواح مرضى بشكل حتمي".

وبين أن أزمة الوقود انعكست على زيادة قوائم انتظار العمليات، مما دفع بإدارة المستشفيات لجدولة العمليات حسب أهميتها.

ولفت الحاج إلى أن الكادر البشري استهلك واستنفد قواه وهو لا يتقاضى إلا 40% من راتبه كل أربعين يوما، الكثير منهم يأتون مشيا على الأقدام أو يعتذر بعضهم عن القدوم لعدم توفر أجرة المواصلات.

وشدد على أن المستشفيات بغزة تنتظر أن تعود الجهات المانحة لدعم القطاع الصحي، وأن تزداد مخصصات مشاريعها للقطاع، مبينا أن ما يصل من مشاريع صحية لا يكاد يذكر مقارنة بما كان يصل قبل أكثر من عام من عدة دول في مقدمتهم قطر وتركيا.