فلسطين أون لاين

ستتسبب بمأساةٍ وإبادة خطيرة

رفح.. تحذيرات من انهيار المنظومة الصحية في البقعة الأكثر اكتظاظًا بالقطاع

...
dcabbc96-83fa-4b0e-8a30-44b15caacb0a.jpg
غزة - فلسطين أون لاين

تتكرر التهديدات الإسرائيلية بعملية عسكرية مفتوحة في رفح، تستكمل فيها فصول حرب الإبادة التي تشنها في القطاع للشهر السابع على التوالي؛ لكنها تستبق ذلك بضربات جوية مدمرة تستهدفت عددًا من أحيائها، إلى جانب تنغيص واقع النزوح فيها.

وفي السياق، حذرت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الإثنين، من تنفيذ "إسرائيل" تهديدات اجتياح مدينة رفح، مما "يعني القضاء على القليل المتبقي من منظومة العمل الصحي وحرمان السكان من أي خدمات صحية".

وشدّدت الوزارة على أن انهيار منظومة العمل الصحي سيعرض المئات من السكان لخطر الموت.

وخرجت معظم مستشفيات القطاع عن الخدمة، بسبب استهدافها المتعمّد من قبل الاحتلال الإسرائيلي منذ بداية عدوانه على غزة في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول الفائت.

تشير التقديرات الطبية إلى ارتقاء قرابة ألفي شهيد في رفح منذ بداية العدوان، وهو رقم لا يشير لمنطقة آمنة كما تدّعي سلطات الاحتلال؛ التي وجهت إخطارات لسكان القطاع بإخلاء مناطق سكناهم والنزوح فيها.

وتشهد المحافظة مؤخرًا تكثيفًا في استهداف المباني المدنية والمنشآت، إلى جانب استهدافها لخيام النازحين والتي أدتّ لارتقاء العشرات من الشهداء مؤخرا.

وتحت الأحزمة النارية والدمار الشامل، اضطر مليونا فلسطيني للنزوح في القطاع، منهم 1.7 مليون فلسطيني نزحوا لرفح، وفق الإحصاءات الصادرة عن وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا).

**ظروف إنسانية قاهرة

يعيش النازحون في ظروف إنسانية قاهرة، خاصة مع انتهاء فصل الشتاء، وضرب الموجات الحارة للمحافظة، ومعها بدأت تظهر عديد الأفاعي والحشرات القاتلة في مناطق النزوح، تحديدًا في مناطق السوافي الرملية وتلك الحدودية مع مصر، خاصة وأن مناخ المحافظة يتأثر بالمناخ الصحراوي، بحكم قربها من مصر.

ظروف المناخ تزداد تعقيدًا مع مكوث النازحين في خيم نايلون، وأخرى لا تقيهم برد الشتاء ولا حرّ الصيف، مع انتشار مزعج للذباب والقوارض، في تعبير تصفه المنظمات الدولية بالكارثي، تجاه عملية النزوح.

يترافق ذلك مع انقطاع كامل لمعظم الخدمات، فبنية المدينة لم تكن تستحمل وجود هذا الكم أساسًا، لا من حيث بنية الصرف التحتية ولا من حيث تزويدها بإمدادات المياه، الأمر الذي يقتصر على توصيل المياه من خلال شاحنات نقل تتكفل بها جمعيات خيرية، وهي كميات لا تفي باحتياج المواطنين.

وهذا فسرّ في وقت لاحق نزوح العديد من النازحين إلى شواطئ بحر غزة، للاستفادة من مياه البحر، في ظل الاحتياج الكبير للمياه.

كما أن ذلك ترافق مع أزمات متكررة في بنية الصرف الصحي، وانقطاع شبه كامل لآبار المياه، فالمياه بالكاد تصل مرتين في كل حي أسبوعيا، بحسب مسؤول في بلدية رفح.

تتعاظم المأساة أكثر، أن 90% من النازحين يفتقرون للسيولة المالية، بحكم أساسًا أنهم جميعا في طابور البطالة، ومن يتقاضون رواتب لا يستطيعون صرفها مع إغلاق البنوك.

** إبادة كبرى!

يقدر علي هويدي مسؤول الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين، أن نسبة البطالة اقتربت من 95%، وهي ذات النسبة التي وصلت إليها معدلات الفقر المدقع في القطاع.

ويقول هويدي إن أي عملية عسكرية في رفح، تعني تجويع النازحين الفلسطينيين بالمعنى الحرفي، و"ستكون مجاعة هي الأفظع مما جرى شمال القطاع".

كما أنّ أي عملية عسكرية سيترتب عليها إبادة بالمعنى الحرفي للشعب الفلسطيني، "فالعملية سينتج عنها مئات الآلاف من الشهداء، بسبب الاكتظاظ الكبير للسكان، كل 20 شخصًا يعيشون على متر مربع تقريبًا".

ذلك كله جاء في سياق تحذير برنامج الغذاء العالمي، الذي أكدّ عبر المتحدثة باسمه عبير عطوفة، أن عملية اجتياح رفح ستسبب بمأساة وإبادة كبيرة، كما أنها ستمنع إمدادات المساعدات للقطاع.

وحذرت من أن ذلك سيعاظم من مأساة النازحين، الذين هم في الأصل يعانون الأمرين جراء النزوح.

وحول التهديد الإسرائيلي بعملية في دير البلح ورفح، أجابت عطوفة: "هذا سينتج عنه كارثة إنسانية غير مسبوقة، لأن رفح هي المدخل الأساسي لإدخال المساعدات، ويزيد عن ذلك تمركز كبير لعدد السكان النازحين من شمال القطاع".

وبينت أن ما يعيشه القطاع يتجاوز وصف الكارثة، ويحتاج لدعم بشكل كبير، كما أن مرور الدعم يحتاج لوقف فوري لإطلاق النار.

وفي تقارير سابقة، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف”، إنه "تجب حماية أهالي مدينة رفح جنوبي قطاع غزة الأكثر اكتظاظا بالسكان على وجه الأرض".

وأضافت المنظمة الأممية أن "رفح، إحدى أكثر الأماكن اكتظاظًا بالسكان على وجه الأرض، تؤوي الآن نصف سكان غزة".

وشددت على "ضرورة حماية أهالي رفح الذين نزح العديد منهم عدة مرات بسبب الحرب، وليس لديهم مكان آمن للذهاب إليه".

وتتصاعد التهديدات الإسرائيلية بتنفيذ عملية برية في رفح الملاصقة للحدود مع مصر، رغم تحذيرات إقليمية ودولية متصاعدة من تداعيات كارثية محتملة.

وتشهد مدينة رفح اكتظاظًا كبيرًا حيث يتواجد فيها ما لا يقل عن 1.4 مليون فلسطيني، بينهم أكثر من مليون نازح لجأوا إليها جراء عمليات جيش الاحتلال الإسرائيلي شمال ووسط القطاع بزعم أنها “منطقة آمنة”.

يأتي ذلك على الرغم من كل التحذيرات الدولية من خطورة اجتياح رفح على النازحين المتكدسين هناك، والذين يعانون أوضاعًا إنسانية مأساوية.

وحذّر رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية "حماس" إسماعيل هنية، من إقدام الجيش الإسرائيلي على اجتياح رفح، مؤكدًا في الوقت ذاته على جاهزية فصائل المقاومة على الأرض، وذلك في مقابلة مع وكالة "الأناضول" نشرت أمس الأحد.

ورغم أن الاحتلال ومنذ بداية العدوان، دفع بأهالي القطاع جنوبًا بزعم أنه "منطقة آمنة"، إلا أن القصف والدمار والقتل الإسرائيلي طال كل مناطق غزة وصولًا إلى المعبر الحدودي مع مصر.

ومنذ 7 أكتوبر، تشن قوات الاحتلال الإسرائيلي عدوانًا مدمرًا على قطاع غزة خلف عشرات آلاف الضحايا معظمهم أطفال ونساء”، فضلا عن كارثة إنسانية غير مسبوقة وتدهور ملحوظ في البنى التحتية والممتلكات، وفق بيانات فلسطينية وأممية، وهو الأمر الذي أدى إلى مثول "إسرائيل" أمام محكمة العدل الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية.