فلسطين أون لاين

شظاياها كالمنشار الكهربائيّ.. تعرَّف على القنبلة الأمريكيَّة الَّتي مزَّقت أجساد المدنيِّين في غزَّة

...
شظاياها كالمنشار الكهربائيّ.. تعرَّف على القنبلة الأمريكيَّة الَّتي مزَّقت أجساد المدنيِّين في غزَّة
غزة/ محمد سليمان:

تناثرت أجسادهم إلى أشلاء مقطعة وتم تجميعها في أكياس بلاستيكية، هذا ما حدث في شهداء مجزرة مدرسة التابعين بمدينة غزة، نتيجة قنبلة ألقتها طائرة حربية إسرائيلية على مدنيين كانوا يؤدون صلاة الفجر يوم السبت الماضي.

وتكشّفت الكثير من التفاصيل بعد أيام على الهجوم الإسرائيلي المروع الذي أدى إلى استشهاد وإصابة أكثر من مائة فلسطيني وفجر موجة من ردود الفعل الغاضبة حول العالم.

ووفق مختصون ومسؤول في جهاز الدفاع المدني فإن جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم، قنبلة "جي بي يو-39" (GBU-39)، أمريكية الصنع في الهجوم على المدرسة تحولت إلى مركو إيواء، وهو الثالث من نوعه ضد مدنيين في قطاع غزة يرزحون تحت أتون حرب الإبادة الجماعية للشهر الحادي عشر.

واستخدم الطيران الحربي الإسرائيلي تلك القنابل وفق شرطة هندسة المتفجرات في غزة منطقة مواصي خان يونس في تموز/يوليو، ومنطقة الخيام بمنطقة البركسات برفح في حزيران يونيو الماضي أيضًا.

ووفقًا لمصدر مسؤول بهندسة المتفجرات بالشرطة الفلسطينية في غزة تحدث لـ"فلسطين أون لاين"، فإن شظايا القنبلة المستخدمة في مجزرة مدرسة التابعين، وطبيعة الإصابات تظهر استخدام الاحتلال قنبلة "جي بي يو-39" التي تصنعها شركة بوينغ، كما أنها ذخيرة عالية الدقة "مصممة لمهاجمة أهداف مهمة إستراتيجيًا، مع التسبب في أضرار جانبية منخفضة.

كذلك، كشفت شبكة "سي إن إن" الأمريكية بعد ساعات من الهجوم أن الطيران الحربي الإسرائيلي استخدم قنبلة أمريكية الصنع في قصف المدرسة المدنية ما فجر موجة من ردود الفعل الغاضبة حول العالم.

والهجوم الإسرائيلي تسببت باستشهاد 100 من المدنيين النازحين 32% منهم الأطفال والنساء والمُسنين، وفقًا لإحصائية صادرة عن المكتب الإعلامي الحكومي.

ومن داخل المدرسة المستهدفة، يؤكد محمد المصري، أن جثامين الشهداء تمزقت نتيجة القنبلة التي سقطت على مصلى المدرسة بشكل كامل.

ويقول المصري لـ"فلسطين أون لاين": "التمزيق الذي حدث بجثامين الشهداء يشبه قيام أحد بتقطعيهم بمنشار كهربائي، وذلك من كثرة الشظايا وحدتها التي وصلت إلى أجسادهم".

ويوضح أن أشلاء الشهداء تناثرت بمكان المصلى وسقفها ووصل بعضها إلى ساحة المدرسة من شدة الانفجار.

وفي السياق، يؤكد الرائد محمود بصل المتحدث باسم الدفاع المدني في غزة أن جميع من كان في مصلى مدرسة التابعين أما استشهد أو بترت أطرافه نتيجة شظايا القنبلة التي تم إلقائها من قبل الاحتلال.

يقول بصل لـ"فلسطين أن لاين": "وصلت طواقمنا إلى المكان المستهدف وانتشلت جثامين الشهداء، ولديها صور من القنبلة التي تم إلقائها على المدنيين".

يورانيوم وشظايا

ويؤكد الخبير العسكري مأمون أبو نوار أن القنبلة التي استخدمها جيش الاحتلال ضد المدنيين في مدرسة التابعين بغزة، هي بالفعل جي بي يو-39" ومطلية باليورانيوم، وهو ما يحتاج إلى أخذ عينات من تلك الشظايا ووضعها بين يدي محققين دوليين، لمعرفة تفاصيل أكثر حول ما تم استخدامه داخل تلك القنبلة من مواد متفجرة.

ويوضح أبو نوار لـ"فلسطين أون لاين": "اليورانيوم المطلي على جدار القنبلة يؤثر على البشر والتربة وكل شيء محيط بها".

واليورانيوم، هو مادة مشعة لكن نشاطه الإشعاعي أقل من مستويات الإشعاع الموجودة في خام اليورانيوم الطبيعي.

وتؤكد الوكالة الدولية للطاقة الذرية أن اليورانيوم يستخدم في الأسلحة لأنه عالي الكثافة ويشتعل ذاتيا عند درجات حرارة وضغط عالية، ولأنه يصبح أكثر حدة عندما يخترق الصفائح المدرعة.

ويوضح متحف الإشعاع والنشاط الإشعاعي التابع لاتحاد جامعات أوك ريدج في تنيسي بالولايات المتحدة أن ذخائر اليورانيوم عندما تضرب هدفا ما تؤدي لارتفاع كبير لحرارة سطحه.

ويوجد دراسات عديدة حول المخاطر المرتبطة بالتعرض لأسلحة اليورانيوم المنضب، كما ثار جدل كثير حول استخدامها خاصة في ساحات القتال.

وكانت الولايات المتحدة استخدمت أسلحة اليورانيوم المنضب في حرب الخليج في عام 1990 و1991، كما استخدمها حلف شمال الأطلسي (ناتو) في قصفه ليوغوسلافيا في عام 1999.

وتناول أو استنشاق كميات من اليورانيوم، حتى وإن كان منضبا، أمر خطير، إذ يمكن أن يُضعف وظائف الكلى ويزيد من خطر الإصابة بمجموعة من الأمراض السرطانية.

وتقول جهات معارضة لاستخدام هذه الأسلحة الخطيرة، ومنها التحالف الدولي لحظر أسلحة اليورانيوم، إن الغبار الناتج عن استخدامها خطير عند استنشاقه، وإن الذخائر التي لا تصيب أهدافها يمكن أن تسمم المياه الجوفية والتربة التي تسقط فيها.

وأثار استخدام السلاح غضبًا واسعًا عندما ارتفع عدد الجنود الأميركيين والبريطانيين والأوروبيين المصابين بأعراض الإشعاعات التي تتصاعد من اليورانيوم المنضب.

ويعتقد كثير من علماء الفيزياء والأطباء أن غبار أكسيد اليورانيوم الذي استنشقه أو ابتلعه الجنود خلال حرب الخليج الثانية هو السبب أو العامل المساعد في ما عرف بأعراض الخليج التي يشكو منها أكثر من 130 ألف جندي أميركي وأوروبي من أصل 697 ألفا شاركوا في الحرب.

واشتكى هؤلاء من مشاكل صحية تتراوح بين مشاكل في الجهاز التنفسي إلى مشاكل صحية في الكبد والكُلى وفقدان الذاكرة والصداع والتعب المستمر والحمى وانخفاض ضغط الدم.

وحول تفاصيل تلك القنبلة الأمريكية، يوضح أبو نوار، أن تلك القنبلة يبلغ طولها 1.8، ورأسها المتفجر 250 رطلا (نحو 113 كيلوغراما) وبها أجنحة، وتحدث شظايا كثيرة، وتسبب في إحداث أثر بالغ بالمكان المستهدف.
وصنعت تلك القنبلة، وفق أبو نوار من أجل اختراق المنشآت المحصنة، وتدميرها، إضافة إلى اختراق الملاجئ والمستودعات الخرسانية، والعمل على الاختراق ثم الانفجار بالداخل.

ويكذب الخبير العسكري، ما يتم تداوله أن تلك القنبلة بعد اختراقها للمكان لا تلحق أضرار بالجوار، ولكن لها أضرار جانبية بالغة وتسبب بحرق المدنيين وتقطيعهم، وهو ما حدث مع شهداء مجزرة مدرسة التابعين.

وصنعت شركة بيونغ الأمريكية تلك القنبلة، وأدخلتها الخدمة الفعلية أوائل القرن الـ21، ودخلت الخدمة في النصف الأول منه، واستخدمت على نطاق واسع في مختلف الحروب.

ويوضح أن "جي بي يو 39" هي قنبلة أميركية الصنع، وهي من نوع جو أرض، موجهة ودقيقة، تم تطويرها أواخر تسعينيات القرن العشرين، صنعتها شركة بوينغ وأدخلتها الخدمة الفعلية أوائل القرن الـ21، تسمى القنبلة "الآمنة" لأنها تدمر فقط الهدف من الداخل دون إلحاق أضرار بالجوار، حسب ما تقول الجهة المصنعة.

ويبين أنه تم تصميم هذه القنبلة الصغيرة الحجم وذات الفعالية العالية لتكون جزءا من النظام العسكري الحديث الذي يتيح للطائرات حمل عدد أكبر من القنابل الذكية.

ويشير إلى أن القنبلة مخصصة لاختراق التحصينات والثكنات العسكرية ونسفها من الداخل، مثل المستودعات والملاجئ الخرسانية أو بعض الأهداف داخل المناطق المأهولة بالسكان أو الأهداف ذات القيمة العالية.

قنبلة جي بي يو 39

حول طبيعية تلك القنابل أيضا، نشر المرصد الأورمتوسطي أن المعلومات الأولية تشير إلى أن جيش الاحتلال أأطلق خلال هذه الاستهداف ثلاثة قنابل أميركية مجنحة ذات قدرة هائلة على التدمير والحرق وإذابة الأجساد، فقتل أكثر من 100 فلسطيني بينهم العديد من العائلات التي قتلت، بمن فيها من نساء وأطفال، إلى جانب شخصيات أكاديمية بارزة، مثل البروفيسور "يوسف الكحلوت" أستاذ اللغة العربية في جامعات غزة.  

ويبين في تصريح له، أن القنابل تسببت بتحول أجساد الضحايا إلى أشلاء وأجزاء مقطعة ومحترقة، وكذلك الحال بالنسبة لعدد كبير من الإصابات الحرجة، وذلك نظرًا للقوة التدميرية الهائلة لهذه القنابل. 

وحول طبيعة الإصابات، يشدد دكتور فضل نعيم مدير مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" قائلًا "وما شاهدناه يفطر العقل والقلب". 

ويوضح نعيم أن معظم حالات جرحى مجزرة التابعين التي ارتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في مدرسة التابعين في المدينة مصابة بحالات بتر في الأطراف وحروق كاملة".

 ويضيف أن "أعداد الشهداء والجرحى كبيرة نتيجة هذه المجزرة المروعة، وهذا اليوم من أصعب أيام الحرب التي مرت علينا".