"جذور التربية مرة، ولكن ثمارها حلوة".. أرسطو.
يذكر د. مسلم تسابحجي في كتابه "أبناؤنا جواهر ولكننا حدادون" تجربته المميزة في نبذ الموروثات التربوية، هذا الكتاب والذي اقتبست عنوانه هو تجربة عملية تستحق القراءة.
فلقد تعددت الطرق والنظريات التربوية، فمنها ما كان مفيدا، ومنها ما لا يسمن ولا يغني من جوع، بيد أننا كأولياء أمور ومربين نحتاج لتبني طريقة ما مع أولادنا.
ربما فكرنا في هذا الأمر وكنا على حذر في تعاملنا مع أولادنا فنعتذر لهم إن أخطأنا ونشكرهم إن أحسنوا ونعاملهم معاملة تليق بإنسانيتهم، ربما أدركنا بصورة أو بأخرى أن أولادنا مرآة لنا، وربما نعاملهم كما عوملنا، بلغة أخرى كما ورثنا المعاملة، فأغلبنا لا يملك نظرية، إنما يتبع ما "وجدنا عليه آباءنا" موروثات تنتقل من جبل إلى آخر، يتذكر كيف تصرف والده بالموقف كذا فيتصرف، فمثلا حين يكذب طفلك أي الأمهات أنت؟ هل تسعين للتهديد بالفلفل الحار وعذاب النار أم تسرعين لاحتضانه وتتفهمين الدافع وتضعين الحل لإرضائه!
هل نتبنى ونتصرف نحن كأولياء أمور تصرفاتنا التي، سنحاسب عليها طبعا ، دون تفكير؟ أم أننا نقف ونحسب حساباتنا جيدا؟!
أولادنا ربما لم نقرر إنجابهم، لكن طالما أننا أنجبنا، فلا بد، وحتما، بل ويجب علينا أيضا أن نقرر كيف نربيهم؟ وعلى أي طريقة ووفق أي منهج!
لا يُعقل أن نكون بلا وجهة ولا منطق!
تبنَ نظريتك التربوية بالنظر لابنك وشغفه وميوله اهتماماته وموهبته!
كل طفل يولد بمهارات وميول معينة، قد تدرك ذلك وقد تحتاج لكي تتعرف عليها لمجهود ووقت.
كل الأطفال أذكياء فالذكاء ليس مقترنا بالتحصيل الأكاديمي فقط، تعددت واختلفت أنماطه، فهناك الذكاء اللغوي والذكاء الاجتماعي والذكاء الرياضي وغيره.
إن كنت أمًا وأبًا ولا تدرك نمط ذكاء كل ابن لديك، توقف وأعد حساباتك، وتبنَ طريقتك مع ابنك، إذ أن أعظم استثمار لديك ليس وظيفتك ولا رصيدك المالي، لا.. إن أعظم استثمار هو ولدك، ولربما أيضا استثمار لك لبعد موتك فهو حياة لما بعد الحياة، فكيف ستستثمر ابنك؟
علمه، علمه دينه فقهه أموره، علمه الأدب واللباقة، علمه التفكير فهو مناط كل حل، علمه حرفة، لغة، مهارة.
لا تترك طفلك ليكون إلا جوهرة، فأبناؤنا جواهر ولكننا حدادون معهم، نستخدم مطرقة الحداد وعضلات الحداد ونار الحداد.
اعتزل الحدادة وابدأ بتعلم مهنة الصياغة، حساسية الصائغ ورقته، أدواته وذوقه، الأمر ليس سهلا ولكنه يستحق.
يحتاج الأمر لقدر غير قليل من الشجاعة والصدق مع النفس، والأصعب من ذلك هو فترة التخلص من الموروثات القديمة، يحتاج الأمر أن نقف ولا نلق باللوم على الزوجة التي لا تعرف كيف تربي الأبناء ولا على الأب المشغول ولا على المؤامرات الخارجية التي تُحاك لإفساد الأبناء، الأمر يحتاج إلى قناعات ومهارات وأدوات الصائغ الجديد.
اقرأ كتبًا عن التربية، وشاهدها لا مصادفة، بل اهرسها بحثا، هناك الكثير من الخبرات والكثير من التجارب، شارك واحضر دورات تدريبية عن التربية، فهي تزودك بمعرفة ومهارات فعالة جدا، فالتغيير يبدأ من الداخل، من القناعات والأفكار، استشر الخبراء والمختصين وتابع مقالاتهم التربوية.
وتذكر أنك إن نجحت في تربية أولادك فأنت ناجح، وإن فشلت في كل شيء آخر في الحياة، وإن فشلت في تربيتهم فأنت فاشلٌ مهما نجحت في أمور أخرى، فما قيمة أن يكسب الإنسان السوق ويخسر عائلته؟!