فلسطين أون لاين

​بأحكام "اللُقطة" يتعاون المسلمون على حفظ أموالهم

...
غزة - مريم الشوبكي

اعتنى الإسلام بالمال، وجعل حفظه مقصدًا من مقاصد الشريعة، وحثّ المسلمين على التعاون في حفظه، فجاء الإسلام ليأمر أتباعه أن يحفظ كل واحد مال الآخر، فإذا وجد مسلم مالا فلا بد أن يبذل وسعه في إرجاعه لصاحبه، ومن ذلك ما يسميه الفقهاء "اللقطة".

أنواع

عرَف أستاذ الفقه المقارن في كلية الدعوة الإسلامية عبد الباري خلة اللقطة بأنها المال المُلتقط يجده الشخص في مكان عام، وهذه اللقطة إما أن تكون: الشيء القليل الذي يتسامح فيه؛ كالسوط والعصا وسائر المحقرات، وهذا لا يُعَّرف عليه بل يملكه ملتقطه وينتفع به.

وقال خلة لـ"فلسطين": إن من اللقطة أيضًا الحيوان الكبير الذي يمنع نفسه من عدوه كالإبل والبقر وكل ما يمكن له الفرار من عدوه، وهذا يحرم التقاطه، ولا تجري عليه أحكام اللقطة، فعن زَيْدِ بْنِ خَالِدٍ رضي الله عنه، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَسَأَلَهُ عَنِ اللُّقَطَةِ، َقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا، ثُمَّ عَرِّفْهَا سَنَةً، فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا، وَإِلاَّ فَشَأْنَكَ بِهَا قَالَ: فَضَالَّةُ الْغَنَمِ قَالَ: هِيَ لَكَ أَوْ لأَخِيكَ أَوْ لِلذِّئْبِ قَالَ: فَضَالَّةُ الإِبِلِ قَالَ: مَالَكَ وَلَهَا مَعَهَا سِقَاؤُهَا وَحِذَاؤُهَا، تَرِدُ الْمَاءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقَاهَا رَبُّهَا.

وأضاف أن المعنى في ذلك أن الذي يلتقط هذا النوع فهو مخطئ، بل عليه تركها ترد الماء وتأكل حتى يجدها صاحبها.

وأوضح أنه إذا كان المُلتقط حيوانا مأكولا كالشاة، فله فعل واحد من ثلاثة: فإما أن يذبحه وينتفع به ويضمن قيمته إن وجد صاحبه، وإما أن يبيعه ويحتفظ بثمنه ليرده لصاحبه إن وجد، وإما أن يمسكه وينفق عليه من ماله، فإن وجد صاحبه يرجع بنفقته على مالكه.

وبين أن ما دون ذلك من مال كذهب وأوراق مالية ومتاع ونحو ذلك، إن غلب على ظن من يجده حفظه ورده إلى صاحبه، جاز له التقاطه، فإن كان من الشيء الذي لا يصبر طويلا ويُخشى فساده؛ كالفاكهة والخضروات فهو بالخيار إما أن يأكله ويضمن ثمنه أو يبيعه يحفظ ثمنه فإن وجد صاحبه دفع إليه قيمته (الثمن)، أو رد له مثله إن وجد.

الذهب والفضة

ونوّه خلة إلى أنه إذا كان الملتقط دون ما سبق من سائر الأموال، كالذهب والفضة والنقود لزم على من يجده حفظه، ووجب عليه أن يسأل عن صاحبه مدة كافية، لذلك وعند بعض الفقهاء يسأل على ما وجده مدة سنة، كالتعريف عليها في الطرقات والأماكن العامة والمعروفة، ويمكنه اليوم في ظل التقدم التقني والتكنولوجي، أن يُعرّف عن طريق وسائل الاتصالات الحديثة كمواقع التواصل الاجتماعي والإذاعات المحلية وغير ذلك إذا كانت اللقطة عظيمة.

وأشار إلى أن التعريف يكون بالأوصاف كأن يقول من وجد إنه عثر على مال، فمن يصف ذلك المال فهو صاحبه، أو دابة من يأتي بأوصافها فهو مالكها وهكذا، فإن تعرف عليها صاحبها ولو بعد سنة أو أكثر وجب دفعها إليه بلا بينة ولا يمين، لأن ذكر صفاتها تقوم مقام البينة واليمين.

ولفت خلة إلى أن من وجدها إذا عرّف عليها مدة كافية حلت له، فيتصرف فيها تصرفا شرعيا من بيع وهبة ووقف وأكل ونحو ذلك فإن جاء صاحبها بعد ذلك دفعها إليه إن كانت باقية أو بدلها إن كانت تالفة أو ضمن ثمنها.