فلسطين أون لاين

​الشيخ صلاح.. الحاضر الغائب في القدس المحتلة

...
غزة- نبيل سنونو

"اقتحام الاحتلال وقواته المدججة بالسلاح المسجد الأقصى لن يعطيه أي شرعية، ولا أي حق في المسجد"؛ كانت هذه كلمات الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية في الداخل المحتل سنة 1948، تزامنًا مع اقتحام نفذته قوات الاحتلال الخاصة ومجموعات متطرفة للمسجد الأقصى في 2013، بمناسبة ما يسمى "عيد العُرَش".

"الشرعية"، هي ما تبحث عنه دولة الاحتلال الإسرائيلي في مدينة القدس، وهي ذاتها التي يؤكد الفلسطينيون، ومنهم الشيخ صلاح، أن (إسرائيل) لن تحصل عليها يوما.

ولعل هذه ذاتها، هي رسالة الشيخ صلاح – الذي تعتقله قوات الاحتلال الإسرائيلي حاليا- وردّه على اعتراف دونالد ترامب، الرئيس الأمريكي، بالقدس المحتلة "عاصمة" للكيان الإسرائيلي.

ولا يزال صلاح – المولود عام 1958 في مدينة أم الفحم- يؤرق (إسرائيل) بمواقفه المناهضة لمخططاتها في القدس. وهو يرفض التدخل الإسرائيلي في الشؤون الدينية للمسلمين والمسيحيين.

والشيخ صلاح –الذي أنهى تعليمه الجامعي في كلية الشريعة- هو من مؤسسي الحركة الإسلامية الأوائل داخل فلسطين المحتلة سنة 1948م، بداية السبعينيات، وأحد رموزها إلى حين انشقاقها نهاية التسعينيات نتيجة لقرار بعض قادتها خوض انتخابات "الكنيست" الإسرائيلي سنة 1996، ومقاطعة آخرين.

وعقب انتخابه عام 1996 رئيسا للحركة الإسلامية، أعيد انتخابه عام 2001، كما أنه تقلد رئاسة مؤسسة الأقصى لإعمار المقدسات الإسلامية حتى عام 2002، وكذلك رئاسة مؤسسة الإغاثة الإنسانية.

ويشكل عام 1989 محطة انتقالية في المسار السياسي للرجل، إذ إنه خاض انتخابات رئاسة بلدية أم الفحم عن الحركة الإسلامية، ونجح في تلك الانتخابات بنسبة تفوق 70%.

وعلى إثر ذلك، تولى رئاسة البلدية عندما كان 31 عاما من عمره، كما أنه نجح بنسبة تزيد على 70% للمرة الثانية في الانتخابات عام 1993، وبنسبة مقاربة للمرة الثالثة عام 1997، قبل أن يقدم استقالته في 2001، ليتيح المجال لغيره في الحركة الإسلامية.

وعلى مدار السنوات الماضية، تعرض صلاح للاعتقال على يد قوات الاحتلال، عدا عن اتخاذ حكومة الاحتلال قرارا بحظر الحركة الإسلامية في الداخل المحتل.

وعقب قرار حظر الحركة الإسلامية في الداخل –الذي قال الشيخ صلاح آنذاك أنه "تسعفي وظالم"- استدعت أجهزة أمن الاحتلال الأخير ونائبه الشيخ كمال الخطيب ومسؤول ملف القدس والأقصى بالحركة سليمان أحمد للتحقيق معهم في مبنى شرطة الاحتلال في مدينة حيفا.

وكانت وزارة الداخلية في حكومة الاحتلال الإسرائيلي قررت سنة 2002، إغلاق جريدة "صوت الحق والحرية" الناطقة باسم الحركة الإسلامية مدة سنتين، بناء على طلب جهاز الأمن العام الشاباك بالتنسيق مع رئيس حكومة الاحتلال.

دعم المرابطين وغزة

وتَمثل أحدث ما تعرض له صلاح، باعتقاله من قبل قوة من شرطة الاحتلال من منزله بمدينة أم الفحم، في أغسطس/آب الماضي، بتهم "التحريض على العنف والإرهاب، والانتماء لمنظمة محظورة" هي الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، كما كان من التهم الأولية ما يتعلق بدعمه المرابطين والمرابطات بالأقصى.

ونقلته إدارة سجون الاحتلال، الشهر الجاري، من سجن "رامون" في صحراء النقب، إلى سجن "شكيما" بعسقلان.

وهذه هي واحدة من عمليات الاعتقال، فقد سبق لقوات الاحتلال أن اعتقلت صلاح في 2007، خلال مشاركته في خيمة اعتصام احتجاجية على الاعتداءات والحفريات على طريق باب المغاربة في القدس.

وأيضًا في 2003، اعتقله الاحتلال، بتهم منها ما سُمي "تبييض أموال لحساب" حركة المقاومة الإسلامية حماس، وقد تم الإفراج عنه بعد سنتين.

وسنة 1981م، تم اعتقاله بتهمة الارتباط "بمنظمة محظورة" وهي "أسرة الجهاد"، وبعد خروجه وضع تحت الإقامة الجبرية.

وشملت إجراءات الاحتلال الإسرائيلي بحق صلاح، منعه من السفر خارج فلسطين المحتلة في 2003، كما رفضت ما تسمى "محكمة العدل العليا" طلب الالتماس الذي تقدم به ضد هذا المنع.

وعدا عن ذلك، تعرض الشيخ صلاح لمحاولة اغتيال سنة 2000م، وأصيب بطلق ناري في رأسه أطلقته قوات الاحتلال.

ونضال الشيخ صلاح لم يتوقف عند حدود القدس، فقد شارك في أسطول الحرية المتجه إلى القطاع في مايو/أيار 2010، وتعرض في أثناء ذلك لمحاولة اغتيال عندما هاجم جيش الاحتلال الأسطول.

وكانت إحدى محاكم الاحتلال قد حكمت عليه في نفس السنة، بالسجن تسعة أشهر.

تُغيِّب قوات الاحتلال الشيخ صلاح "جسدًا" عن القدس المحتلة عبر زجّه في سجونها، لكن دفاعه عن المدينة ورسالته في النضال لا تزال حاضرة في كل زاوية وزقاق منها.