فلسطين أون لاين

​مشروعٌ قضى عليه الحصار

"خضر بنات" أغلق الأبواب على ممتلكاته "النادرة"

...
غزة - مريم الشوبكي

"عالم الأنتيك" اسمٌ لمتجرٍ هو أشبه بمتحف مصغر، لكونه يضم قطعًا قديمة نادرة واستثنائية للتراث القديم، ففيه تُعرض قطع "الأنتيكا"، والقطع المعدنية، والأدوات التراثية النادرة التي كانت متداولة في فلسطين قبل النكبة عام 1948، وفيها تشمّ فيها رائحة البلاد وعبق التاريخ والتراث الفلسطيني الأصيل.

هذا الوصف لمكان أنهكه الحصار، ما دفع صاحبه إلى إغلاق أبوابه، لكنه يفتحها من وقت لآخر لزبائنه الذين يقدّرون قيمة القطع القديمة ويبحثون عنها.

"خضر بنات" يهوى جمع ما هو قديم ونادر وغريب، ويفعل ذلك منذ 40 عاما، وقد حصل على تلك القطع من أماكن مختلفة، أثناء تجواله في المدن الفلسطينية، وسفره إلى بلاد مختلفة حول العالم.

تجارة مزدهرة

يتحدث بنات 53 عاما عن هوايته في جمع "الأنتيكا" التي كان الفلسطينيون يهتمون باقتنائها، وكيف أن الأيام دارت وصارت منسية، ولا تزيد عن كونها مجرد تماثيل تزيّن الأرفف ولا تجد من يعترف بقيمتها ولا من يبحث عنها، ما دفعه لبيع تحف وإكسسوارات لتزيين زوايا المنزل ليجني منها ربحا بديلا.

يقول لـ"فلسطين": "منذ صغري، أهوى جمع العملات القديمة، وكل ما يتعلق بالتراث الفلسطيني القديم، وعلى إثر ذلك فتحت محلا لعرضها أسفل منزلي، وبدأت أبيع ما أملكه لشخصيات سياسية وفلسطينية معروفة، تقدّر قيمة هذه القطع، وكانت تجارة رائجة ومزدهرة بالنسبة لي".

ويضيف: "لدي عملات رومانية عمرها ألفا عام، ومفاتيح لبيوت فلسطينية قبل النكبة، ومطارق نحاسية من تلك التي كانت تُعلق على أبوابها بدل الأجراس، وأقفال، وساعات قديمة، وقطع نحاسية نادرة".

ويتابع: "استمررت في بيع هذه القطع النادرة والاستثنائية لسنوات طويلة، خاصة للوفود العربية والأجنبية التي كانت تزور غزة قبل فرض الحصار الإسرائيلي عليها منذ 11 عاما، ولكن هذه المهنة اندثرت تماما في الفترة الحالية، بعد إغلاق المعابر وسعى الناس وراء لقمة العيش في ظل ظروف سياسية واقتصادية صعبة للغاية".

انقرضت!

ويبين بنات أنه بفعل ركود تجارة "الأنتيكا" اضطر إلى إغلاق محله، ولكنه يفتحه بين الحين والآخر لبعض زبائنه المهتمين بما يبيعه، ولذا فهو يعتمد حاليا على بيع الاكسسوارات والتحف والهدايا والساعات التي تجد إقبالا من الزبائن، لأن أسعار القطع النادرة باهظة الثمن، وضروريات الحياة أهم منها في ظل الوضع الحالي.

ويشير إلى أنه اعتاد المشاركة في المعارض التراثية التي كانت تُقام سابقا وتلقى إقبالًا ملحوظا من الجمهور الذي يقدر قيمة المقتنيات القديمة والتراثية، ولكن في السنوات العشر الأخيرة قلّت مشاركاته في المعارض، ومؤخرا عاد إليها، لكن بمعروضات مختلفة، فهو يعرض الهدايا والتحف التي تتماشى أسعارها مع الأوضاع السائدة في الفترة الحالية.

ويوضح: "لم يعد هناك أشخاص يقدرون قيمة التراث، فأصبحت أسعى إلى تسويق منتجات أضمن تحقيق ربح مادي من خلالها، بدلا من عرض مقتنيات قديمة أسعارها عالية يكتفي الزوار بمشاهدتها وإبداء إعجابهم بها فقط ويسألون عن سعرها ولا يفكرون في شرائها أبدا".

ويقول بنات: "للأسف ليس هناك جهة رسمية تحمي التراث الفلسطيني والمقتنيات القديمة، وما نحتاجه هو وجود معرض خاص بالتحف القديمة تدعمه جهة تعنى بالتراث، مع الترويج له جيدا لنضمن إقبالا كبيرا من الجمهور على جميع المستويات التي تقدر قيمة ما تشاهده".

ويضيف أن الأشخاص المهتمين باقتناء القطع التراثية النادرة بغض النظر عن أسعارها "انقرضت"، وحاليا الأشخاص تزور المعارض "للفرجة" فقط.