فلسطين أون لاين

​معادلةٌ فرضها الاحتلال

الدخل الأعلى والفقر الأشد يجتمعان في القدس

...
القدس المحتلة (أ ف ب)
القدس المحتلة / غزة - صفاء عاشور

تعيش مدينة القدس ظروفًا استثنائية تختلف عن أي مدينة فلسطينية أخرى، فعلى الرغم من أنها المدينة الأعلى، من حيث متوسط دخل مواطنيها، بين المدن الفلسطينية، إلا أن ما يزيد عن 80% من سكانها يُصنفون بأنهم تحت خط الفقر.

معادلة صعبة الفهم، فرضها الاحتلال الإسرائيلي متعمدًا على المقدسيين، بهدف إذلالهم وتضييق الحياة عليهم من أجل الوصول إلى الهدف النهائي، وهو رحيلهم عن المدينة بشكل دائم دون عودة.

عراقيل كثيرة

قالت المواطنة المقدسية زينة عمرو إن الاحتلال الإسرائيلي يضع الكثير من العراقيل، وهي في مجملها عراقيل اقتصادية، تهدف إلى التضييق على المقدسيين وإذلالهم والسعي إلى إفقارهم بشكل كبير.

وأضافت في حديث لـ"فلسطين": "الاحتلال يتفنن في أساليب التضييق على المقدسيين، فيفرض الضرائب والمخالفات التي لا تنتهي، ويستمر في التضييق علينا عبر الاعتقالات المستمرة والكفالات التي تُفرض بآلاف الشواكل لأسباب بسيطة وتافهة".

وتابعت: "جيش الاحتلال تعمد خلال السنوات العشر الماضية فرض مزيد من التضييقات على أهالي مدينة القدس حتى أن الأمر وصل إلى اعتقال الأطفال ورفض الإفراج عنهم إلا بدفع كفالات تتراوح بين 10-20 ألف شيقل".

فئات متضررة

وأوضحت الناشطة عمرو أن جميع فئات المجتمع المقدسي متضررة من سياسات الاحتلال، فمثلا التجار يعانون بشكل دائم من فرض الضرائب المستمرة التي أدت في كثير من الأحيان إلى إغلاق محالهم ومن ثم مصادرتها من قبل المستوطنين الذي يعيثون فيها فساداً بعد ذلك بحجة عدم تشغيلها.

ولفتت إلى أن الاحتلال يتعامل مع المقدسيين بعنصرية شديدة، فإذا تأخر أي مقدسي في دفع فاتورة المياه أو الكهرباء أو أي مخالفة، فإنه يعُاقب بعقوبة جديدة تكون قيمتها المالية أضعاف ما تأخر في دفعه.

وأشارت إلى أن دخل المواطن المقدسي تم تحديده بألا يقل عن 4800 شيكل شهريا، إلا أن هذا المبلغ الذي يبدو جيدا، فإنه عند مقارنته بالحياة التي يعيشها المقدسي في ظل سياسات الاحتلال، فإنه يبدو صغيرا للغاية، فهو لا يكفي لتوفير الحد الأدنى من مستلزمات الحياة الكريمة، خاصة مع ارتفاع الأسعار ومحدودية الدخل وإغلاق المدينة بالحواجز.

وأكدت أن الدخل المادي الذي يحققه المواطن المقدسي مهما كان مرتفعا، فإنه لا يمكن أن يغطي المصاريف الباهظة التي يفرضها الاحتلال الإسرائيلي عليه في كافة مناحي الحياة التي يعيشها في مدينة القدس.

وبيّنت أن الاحتلال أصبح مؤخراً يمنع المقدسيين من التبضع من خارجها وشراء مؤونة المنزل من مدن الضفة لانخفاض أسعار السلع فيها، حيث فرض عقوبة على كل من يتم ضبطه يحمل أي سلعة اشتراها من خارج القدس.

مدينة معزولة

من جهته، قال مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية زياد الحموري إن مدينة القدس معزولة بشكل كامل عن محيطها، وعن التواصل مع الضفة الغربية، وهذا أدى لحصارها بشكل كبير.

وأضاف لـ"فلسطين" أن: أكثر من 80 % من أهالي القدس مصنفون تحت خط الفقر بسبب الإجراءات الإسرائيلية ضدهم، وهذا يدل على أن الدخل الفردي للمواطن المقدسي لا يكفي الاستهلاك الشهري".

وتابع: "فرض الضرائب ورفع أسعار السلع وفرض المخالفات المختلفة وغيرها من أساليب الاحتلال في التضييق على المقدسيين، كلها تستنزف كافة ما في جيوبهم وتجعلهم مدينين للاحتلال، وهذه الديون تنتح عن عدم قدرتهم على دفع بعض المخالفات أو الضرائب".

وبين أن دخل المواطن المقدسي في أحسن الأحوال لا يتجاوز سبعة آلاف شيكل، إلا أنه لا يستطيع العيش في ظل الظروف التعسفية التي يفرضها الاحتلال بأقل من 10 آلاف شيكل، وبالتالي تتراكم عليه الديون كل شهر.

وأكد الحموري أن هذه السياسة هي سياسة متعمدة من قبل الاحتلال يسعى من خلالها لفرض ضغوط على أهل القدس لدفعهم نحو ترك المدينة.