فلسطين أون لاين

​كالملابس المستخدمة واللحوم المجمّدة

توفير البدائل.. مهارةٌ غزيّةٌ أنتجها الواقع الصعب

...
غزة - نسمة حمتو

أغلب الغزيين اكتووا بنار الأوضاع الاقتصادية الصعبة في قطاع غزة، ولأن المدّة طالت، فقد اكتسبوا خبرة في التكيف مع الواقع بما يتناسب مع الدخل المحدود، وإيجاد البدائل للأساسيات، أما الاحتياجات غير الضرورية فأصبح الاستغناء عن أمرًا واقعًا، وبعد فترة من عدم التأقلم مع الحال الصعب، أتقن الغزيّون ترتيب أولوياتهم، لتكون نفقاتهم مقتصرة على ما يترأس قائمة الأولويات، وبالطبع فإنه لا يعني التأقلم وإيجاد البدائل أن الحال على ما يرام، بل ثمة احتياجات كثيرة لا يمكن توفيرها على الإطلاق.

بعض البدائل التي لجأت لها النساء الغزيّات لتدبير شؤون بيوتهن نستعرضها في التقرير التالي:

الأساسيات فقط

قالت جميلة قاعود، والتي يعمل زوجها موظفا ولا يتقاضى سوى 1000 شيكل فقط شهريا: "أصبحنا نعتمد على الأساسيات في الحياة فقط، بالنسبة للطعام فنحاول تدبير أمورنا قدر الإمكان، فنطهو ثلاث أكلات فقط أسبوعيا، وفي باقي أيام الأسبوع نأكل ما تبقى من تلك الوجبات، أو من (حواضر البيت)، واستبدلت اللحوم الطازجة بالمثلجة لأنها بنصف السعر".

وأضافت لـ"فلسطين": "أما الملابس، فهي ذاتها التي ارتديناها الأعوام الماضية، ومن يكبر تذهب ملابسه مباشرة لأخيه الذي يليه، وفي بعض الأحيان ألجأ لشراء ملابس مستخدمة من سوق (البالة) بأسعار تقل كثيرا عن أسعار الملابس الجديدة، فثمن القطعة الواحدة لا يزيد عن خمسة شواكل".

وتابعت: "الزيارات الاجتماعية أصبحت مقتصرة فقط على الأقارب من الدرجة الأولى، والهدايا التي أقدمها لمن أزورهم متواضعة للغاية، أما المواصلات فأتخلص من تكلفتها بالمشي إن كنت أتوجه لمكان قريب، وأتعامل مع الأمر على أنه نوع من الرياضة والترويح عن النفس، وأفعل ذلك لكي أوفر المصروف اليومي لأولادي، وهذا المصروف أيضا تأثر، فقبل الأزمة كان مصروفهم ثلاثة شواكل يوميًا، أما الآن فشيكل واحد فقط".

ومن البدائل الأخرى التي لجأت لها قاعود، مشاركة أحد الجيران في خط الإنترنت، لتتقاسم معه التكلفة، بدلا من دفع قيمة الاشتراك كاملة.

الملابس الضرورية

ولا يختلف الحال كثيراً عند "دلال قشطة"، فهي الأخرى تحاول التأقلم قدر الإمكان مع الأوضاع في ظل تراكم الديون على زوجها، وعن ذلك قالت: "اضطررت بصعوبة للتأقلم مع الوضع، فاستغنيت عن الكثير من الأشياء التي اعتدت عليها سابقًا، فمثلا كنت أدرس في الجامعة، ولكن هذا لم يعد ممكنا الآن، بالكاد نستطيع تدبير أمورنا".

وأضافت لـ"فلسطين": "الآن نشتري الملابس الضرورية للأطفال فقط، ولا نستطيع شراء جميع أنواع الفواكه، فنكتفي بنوع واحد فقط في كل مرة نتوجه فيها إلى السوق، ونحاول إقناع أولادنا أننا في أزمة مالية".

وتتابع: "لم نتقبل طعم اللحم المثلج كبديل رخيص للحم الطازج، لذا أبقينا على اللحوم الطازجة ولكن بكميات أقل".

ينخفض أكثر

وتعاني هديل محمد هي الأخرى من الأزمة ذاتها، لكن الحال يزداد سوءا بين حين وآخر، قالت لـ"فلسطين": "كلما حاولت التأقلم مع الوضع، ينخفض الراتب أكثر".

وأوضحت: "لأتدبر أمر الطعام، أصبحت أعتمد على الخضروات بشكل أساسي بدلاً من اللحوم، إذ أشتري نصف كيلو لحم، وأقسمه على ثلاثة أيام في الأسبوع، وفي باقي الأيام أصنع طعاما لا يحتاج للحوم كالمجدرة والمقالي، وأطهو الدجاج في يوم الجمعة".

وبيّنت: "المرأة القنوعة تستطيع أن تدبر أمور بيتها بأقل الأشياء المتوفرة لها، خاصة فيما يتعلق بالطعام، فهو أسهل ما يمكن توفيره، أما بخصوص الملابس فنكتفي بشراء الضروري فقط منها، وقد وصل بنا الحال إلى أن ترفض بناتي الخروج من المنزل في هذه الفترة لعدم وجود ملابس مناسبة، ورغم ذلك لم أشتر لهن ملابس للخروج لأن هناك ما هو أهم وفق سلم الأولويات".

رسوم الطلبة

أما نداء إسماعيل فقالت لـ"فلسطين": "راتب زوجي بعد الخصم 900 شيكل، ندفع منه فاتورة الكهرباء، وتكلفة أنابيب الغاز، ولكننا الحمد لله استطعنا التأقلم من الوضع، وإن كان ذلك بصعوبة".

وأضافت: "المشكلة ليست فقط على قدر الطعام والشراب أو الملابس، فهذه أمور يسهل تدبيرها، والأصعب هو التزامات كبيرة كرسوم الجامعات، والمبلغ يحتاجه أبنائي في الذهاب إلى الجامعة والعودة منها، خاصة أن بعض أبنائي يدرسون في الخارج، وهؤلاء احتياجاتهم كثيرة، ومصروفاتهم كبيرة".