فلسطين أون لاين

​في رباطكن كرامتنا

أكتب عنكنَّ ولكنَّ، وأدعو ربي أن تبلغكنَّ كلماتي، فتكون وفاءً وعرفانًا بعظيم صنيعكن.

أيتها المرابطات في أقصانا الحبيب في كل مكان فيه، تدفعنا شجاعتكن وجرأتكن أن نقف لكنَّ وقفة إكبار وإجلال، بعد أن أخذتنَّ على عاتقكن حماية المسجد الأقصى من اعتداءات الصهاينة الذين يضمرون شرًّا لمسرى الحبيب، بعد أن تخاذل العرب والمسلمون عن نصرته فلم يعد بوصلتهم ومحط اهتمامهم، وبعد أن مُنع رجال فلسطين الحريصون على مقدساتهم وأرضهم وقضيتهم من الوصول إليه ودخوله والرباط فيه، فغادرتن خدوركن، وانطلقتن تفدينه بأيديكن الفارغة، وبأصواتكن التي تزلزل كيان المعتدين وترهبهم، وتبث في قلوبهم الرعب.

كم أتمنى لو أشارككنَّ في رباطكنَّ، وكم أتمنى لو كنت حجرًا بأيديكنَّ تقذفنه على رأس مستوطن يتأبط شرًّا بالمسجد الأقصى فيدمي جبينه، وأتمنى لو كنت زيتونة تظللكنَّ من حرِّ الشمس، أو نسمة صيف عليلة تدخل البهجة إلى صدوركنَّ، أو مظلة تحميكن من مطر الشتاء، أو هواءً تشبعن رئاتكن به لتنطلق حناجركن مغردة: الله أكبر، الله أكبر على كل من طغى وتجبر.

ألجأ إلى الشبكة العنكبوتية لسماع أخباركنَّ، ولأكحل عيني برؤيتكنَّ تتبخترن على مصاطب المسجد الأقصى بلباسكن الشرعي الكامل ومصاحفكن بأيديكن، وبين أروقته، وتحت قبابة وأقواسه تتلون القرآن، وتعقدن حلقات العلم والنقاش، وتتناولن طعامكن جماعة، وما إن تلمحن أحد المعتدين حتى تهببن واقفات أمامه، تمنعنه من تدنيس أقصانا الحبيب، ومن إقامة طقوسهم وشعائرهم على ثرى أقصانا الذي يترنمون بتسميته كذبًا "جبل الهيكل".

ما أروع أن أراكنَّ تحاصِرنَّ الصهاينة المعتدين بــ"الله أكبر" و"لا إله إلا الله"، فيكون ذلك أمضى سلاح تستعملنه لحماية أنفسكن وحماية المسجد الأقصى، لا يرعبكنَّ الجنود المدججون بالسلاح وكأنهم في ساحة حرب حقيقية، ولا يفت في عضدكن كثرة المقتحمين وكثافة الاقتحامات، فكيف لا يكون ذلك وأنتن حفيدات خديجة وسمية وأم عمارة وأسماء، ووريثات شجاعتهن وصبرهن وثباتهن؟

وعلى الأذى الذي يتربص بكنَّ طوال الوقت، من تهديد واعتقال واحتجاز وتحقيق، وضرب وسحل وتمزيق ملابس وحجاب، ومنع من دخول المسجد الأقصى، أراكنَّ ما زلتن مصممات على المضي قدمًا في درب حماية المسجد الأقصى بكل ما أوتيتن من قوة وعزيمة، حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا.

يعتقد بعض أنه لا أهمية لدوركنَّ، ويرى آخرون أنكنَّ عبء على المسجد الأقصى، وتتردد بعض العبارات على ألسنة الخانعين الذين رضوا بالذل واستسلموا لبني صهيون: "لو بقيت في بيتها لكان أستر لها"، و"هل ينقصنا أن تعتقل النساء أيضًا؟!، لو بقين في بيوتهن لما اعتقلن"، و"هل انتهى الرجال لتخرج النساء لمواجهة قطعان المستوطنين، الذين يؤذوهن ويخلعون عنهن الحجاب في أحيان كثيرة؟!"، وغيرها من تلك العبارات التي تستهجن خروج المرأة من بيتها، دفاعًا عن مقدساتها وعقيدتها، حين يُمنع إخوتها الرجال من القيام بهذا الدور العظيم.

لله دركنَّ أيتها المؤمنات، اللاتي أعدتن إلى الأذهان سيرة أمهات المؤمنين والنساء الصحابيات، سيرة المرأة المسلمة المجاهدة التي تفخر بها الأجيال، نشد على أياديكن أيتها المرابطات، وندعم صمودكن، وندعو لكنَّ بالثبات والنصر.