فلسطين أون لاين

​متى نتغاضى عن أخطاء الآخرين؟

...
غزة - مريم الشوبكي

أخطاء الآخرين بحقنا غالبا نقابلها بالمواجهة أو الغضب، ويمكن أن تتطور الخلافات لتصل إلى القطيعة وانتهاء العلاقات، ولكن هل نحن بحاجة إلى أن نغمض أعيننا عن الخطأ الواقع بحقّنا في بعض الأحيان؟

أن نتغاضى عن أخطاء بعض الأشخاص بحقنا، هل هو تصرف سهل على النفس؟ وهل يمكن استخدامه مع جميع من نعرف؟ وهل لذلك أثر نفسي إيجابي على أنفسنا وغيرنا؟

للحفاظ على العلاقة

قالت الأخصائية النفسية والاجتماعية إكرام السعايدة إن تجاهل أخطاء الآخرين وعدم الرد على ما بدر منهم أو اتخاذ أي موقف تجاههم، خيارٌ يمكن الأخذ به عندما يكون الارتباط بالشخص المُخطئ ارتباطًا مصيريا ودائما، كأن يكون ذلك الشخص أخا أو زوجا أو صديقا عزيزا، حينها من الأفضل أن نغمض أعيننا عن الخطأ لتسير عجلة الحياة.

وأضافت لـ"فلسطين": "لكل شخص طباع خاصة به، وهذا يسري على المقربين منّا، فمنهم العصبي، ومن تستثيره أتفه الأسباب، وهؤلاء مجاراتهم ومحاولة تجاهل إساءتهم أمرٌ ضروري لضمان استمرار العلاقة بهم".

وأكدت أن تجاهل الإساءة من الآخرين هو أمر ليس سهلًا على المتضرر من الإساءة، ولكن مع مرور الوقت يصقل شخصية صاحبه ويمنحها صفات إيجابية كثيرة، ومن أهمها أن من يتصرف بهذه الطريقة يكون محبوبًا من الآخرين ويزيد رصيده الاجتماعي.

وإلى جانب صقل الشخصية، فإن التجاهل المستمر قد يسبب أذى نفسيا، إذ أوضحت الأخصائية النفسية والاجتماعية: "في المقابل، وعلى الصعيد الذاتي النفسي، فإن حجم المكبوتات التي تتكون عند من يتجاهل أخطاء الآخرين بحقه قد تؤذيه نفسيا، فمع مرور الوقت يشعر ذلك الشخص بقلة ثقته بنفسة، وبالقلق من المستقبل، وربما يدخل في حالة لا شعورية تفقده السيطرة على نفسه، وحينها يكون الانفجار هو سيد الموقف، ويأخذ عدة أشكال منها الصراخ أو البكاء أو العزلة والانطواء".

ليست كل الأخطاء

وقالت السعايدة: "ننصح دائما أن يكون الشخص توكيديا، بمعنى أن يعبر عمّا بداخله أولًا بأول، ولا يُرضي الآخرين على حساب صحته النفسية، ولكن بعض الأشخاص نحن مُجبرون على إغماض أعيننا عن أخطائهم لتستمر العلاقة، إذ لا مجال للاستقلال والابتعاد عنهم، فالتجاهل هنا أمر ايجابي ومن شأنه تمكين العلاقات وتقليل المشاكل".

وأضافت أن التغاضي لا يكون عن جميع الأخطاء، فبعض الأخطاء يمكن أن يسبب تجاهلها مشاكل أكبر.

وبينت أن ما يمكن تجاهله هو مشاكل الحياة الروتينية اليومية، كالمشاكل الأسرية، والخلافات مع الإخوة والأصدقاء والمقربين، والتي يكون مركزها اختلاف الآراء والمعتقدات والأفكار، فهذا النوع من الأخطاء لا يترتب عليه مشاكل في المستقبل.

أما ما لا يمكن السكوت عنه، بحسب السعايدة، فهو "بعض التصرفات المشينة والخارجة عن المبادئ والعرف السائد، كالظلم والتشهير والاعتداء على الآخرين، وبعض السلوكيات الأخلاقية التي لا يمكن تجاهلها ويجب اتخاذ موقف واضح تجاه مرتكبها، أيًا كان ذلك الشخص".

وقالت: "أحيانا، يجب ألا نتغاضى عن سلوكيات البعض، وخصوصا إذا تكررت لأكثر من مرة لأن البعض يفهمنا خطأً، ويظن ذلك التغاضي ضعفًا فينا، أو دليلا على عدم امتلاكنا القدرة على الرد، فيتمادى في أخطائه، والواجب هنا أن توضع الأمور في نصابها الصحيح وما يحتاج للتغاضي يتم التغاضي عنه، وإلا فإننا يجب أن نعبّر عن رفضنا الكامل، ولكل مقام مقال".