فلسطين أون لاين

​مازن عبد الجواد.. بهاتفه الذكي يحترف رسم الشخصيات

...
إحدى رسومات عبد الجواد
غزة - يحيى اليعقوبي

على لوحة هاتفه الذكي البيضاء، بحركة دقيقة بطيئة، تبدأ أنامله برسم خطوط سمراء، يغوص في عالمه الذي يبتعد فيه عن عالمه الخارجي، تمر ساعة، وثلاث، وعشر، ليخرج في النهاية الرسام "مازن عبد الجواد" بلوحة لشخصية بفن الـ"بورتريه"، مستخدما في ذلك تقنية الرسم الرقمي، بطريقة احترافية تدهش أصدقاءه والمقربين منه.

حكايته مع الرسم الرقمي أو "الديجيتال"، بدأت قبل عامين، حينما شاهد صورة على مدخل مخيم المغازي فيها لمؤسس حركة الجهاد الإسلامي الشهيد فتحي الشقاقي، اعتقد في البداية أنها مُعدّلة عن طريق برنامج التصميم "فوتوشوب"، وبعد بحث عبر الانترنت تبيّن له أنها لفنان اسمه "عمر صمد"، فتواصل معه، ومع أشخاص من "إندونيسيا" التي تشتهر بهذا الفن، ومن هنا خط طريقه نحو إتقان الرسم الرقمي، حتى وصل إلى مستواه الحالي.

مازن عبد الجواد (22 عامًا)، من سكان مخيم المغازي بالمحافظة الوسطى، طالب جامعي يدرس إدارة الأعمال، وهو رسام، ومصور فوتوغرافي.

على الورق أولًا

جرّب عبد الجواد الرسم على الورق في المرحلة الإعدادية، حينما شاهد رسمة لزميله في المدرسة، ولمّا عاد إلى البيت حاول تقليدها، وبعد محاولات عدّة، نجح في رسم مشهد لجندي يحمل حقيبة فيها قذائف صاروخية، وعلم فلسطين، وكتب على لوحته "يا قدس إنا قادمون"، من هنا اكتشف موهبته.

في الصف العاشر، حصل على المرتبة الأولى في مسابقة رسم نظمتها مدرسة "خالد بن الوليد" في مخيم المغازي، وحصل على ذات المرتبة في الصف الحادي عشر بمسابقة رسم نظمتها مدرسة "المنفلوطي"، التي بدورها اختارته لتمثيلها في مسابقة على مستوى المخيم هو وطالبين آخرين.

يقول في حديثه لصحيفة "فلسطين": "فوجئت بوجود الطالب الذي كررت رسمته حينما كنت في الإعدادية في تلك المسابقة، لكنني حصلت على المرتبة الأولى بالرسم على مستوى المخيم، فيما حصل هو على المرتبة الثانية".

يراجع في شريط الذكريات تلك اللحظة، ويضيف: "تأهلت حينها للمنافسة على مستوى المحافظة الوسطى، ثم حصلت على المرتبة الأولى في الرسم على الفخار، وكذلك فزت بمسابقتين أخريين في الثانوية العامة، الأولى على مستوى مدارس الوسطى بالرسم بألوان الزيت، والثانية على مستوى مدارس القطاع في رسم المناظر الطبيعية".

خطوات ومميزات

على هاتفه الذكي، رسم الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، ومن ثم بعض الشخصيات المشهورة، وعن ذلك يقول: "الرسم على الهاتف يحتاج لموهبة في طريقة استخدام الريشة، وتناسق الألوان والأحجام والملامح، الرسم الرقمي يشبه الرسم على الورق ولكنه أكثر حساسية، ويحتاج إلى مهارة في التعامل مع البرامج المخصصة له".

ويضيف: "يتميز الرسم الرقمي بأنه قليل التكلفة، وغير مرتبط بالوقت، ودقته عالية، وهو يشبه الواقعي، يعطيني إحساسًا يختلف عمّا أشعر به عند الرسم على الورق".

بأنامله المبدعة، يبدأ رسمه بملامح الشخصية بالخطوط السوداء، وأطراف الوجه، ثم درجات الوجه التي تبدأ بالدرجة الأخف ثم الأغمق، حتى تتشكل الملامح كاملة، ويوضح هنا: "الصعوبة تمكن في رسم الظل والأماكن المحيطة بالعيون".

"التحكم بالريشة الإلكترونية أفضل من الرسم على الورق بالنسبة لي" هكذا يفصح عن مدى حبه لهذا النوع من الرسم.

ما هو السر في طول ساعات الرسم؟ يرد بالقول: "هذه الرسومات تحتاج إلى تركيز واهتمام بالتفاصيل، وكذلك بالألوان".

ويحرص عبد الجواد على الاستماع لآراء الفنانين، ومن يرسم صورهم أيضا، فمن الفنانين من أخبره بأنه بدأ بالوصول للاحتراف، وممن رسمهم ثم عرض اللوحات عليهم من تعجب كيف يمكن رسم الوجوه بهذه الدقة باستخدام الهاتف الذكي.

ويطمح للوصول لدرجة احترافية أبعد مما وصل إليه حتى الآن، وأن ينظم معرضا لرسوماته.