فلسطين أون لاين

التفكجي: شرعنة البؤر مسعى إسرائيلي لتوطين مليون مستوطن في الضفة

خبيران يحذران من تحقيق هدف (إسرائيل) "الاستراتيجي" في الضفة الغربية

...
زيادة وتيرة الاستيطان في الضفة والقدس (أرشيف)
الناصرة / رام الله - غزة - أدهم الشريف

ذكرت صحيفة "هآرتس" العبرية، أمس، أن رايا قانونيا أصدره المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية أفيحاي مندلبليت، مؤخرا، من شأنه أن يُسهل عملية مصادرة أراض فلسطينية لاحتياجات عامة في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية.

وأفادت الصحيفة العبرية، بأن الاستشارة التي قدمها مندلبليت تعني عمليا "شرعنة" 13 بؤرة استيطانية غير قانونية (حسب القانون الإسرائيلي) في الضفة الغربية المحتلة، والدفع بها لتصبح قانونية.

وكان مندلبليت قد أطلع حكومته على رأيه القانوني في قضية شق طريق لبؤرة "حرشة" الاستيطانية غربي رام الله، وجاء فيه أنه "بالإمكان مصادرة أراض فلسطينية بملكية خاصة لفتح طرق وشوارع، حتى لو تعلق الأمر بطريق تؤدي لبؤرة استيطانية عشوائية".

ووصفت الصحيفة العبرية ما صدر عن المستشار القضائي للحكومة الإسرائيلية بـ "السابقة من نوعها" في مواقفه المتعلقة بمصادرة الأراضي الفلسطينية الخاصة، وفق قولها.

وتظهر خرائط جهاز الإدارة المدنية (تابع لجيش الاحتلال الإسرائيلي)، أن ما لا يقل عن 13 بؤرة استيطانية مقامة على أراضٍ فلسطينية في الضفة الغربية، تحتاج إلى طريق ممهد يؤدي إليها، ولحل هذه المشكلة فإنها تنتظر تطبيق استشارة مندلبليت عليها.

من جانبها، رأت منظمة "كيرم نفوت" اليسارية الإسرائيلية أن تطبيق استشارة مندلبليت يعني أن "مصادرة أراض فلسطينية بملكية خاصة لم تعد خطًا أحمر قانونيًا لا يمكن تجاوزه"، محذرًا بأنه سيكون للاستشارة تداعيات أخرى ميدانيًا.

وأضافت "إذا كان من الجائز مصادرة أراض فلسطينية بملكية خاصة لشق طريق يؤدي لبؤرة استيطانية، فمن المتوقع أن يطالب المستوطنون الذين شيدوا بيوتهم على أراض فلسطينية خاصة أن تتم مصادرتها وجعلها ملكًا لهم بنفس الطريقة"، وفق المنظمة الإسرائيلية.

في المقابل، حذر رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان وليد عساف، ومدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس المحتلة خليل التفكجي، من تحقيق هدف دولة الاحتلال الإسرائيلي "الاستراتيجي"، بإيجاد مليون مستوطن في الضفة المحتلة، عبر تشريع البؤر الاستيطانية، والتوسع فيها وربطها بالمستوطنات الكبيرة.

وأكدا لصحيفة "فلسطين"، أن شأن الاحتلال من وراء البؤر الاستيطانية تمزيق أوصال الضفة عبر ربطها بالمستوطنات الكبرى المقامة في مختلف محافظات الضفة والقدس المحتلتين.

كانتونات

واعتبر عساف أن ذلك يأتي ضمن مخطط إسرائيلي لاستكمال تشريع البؤر الاستيطانية وعددها يزيد عن 110، أنشئت في وقت يسيطر فيه الاحتلال على أراضٍ فلسطينية ملكية خاصة.

وقال: إن جزء من هذه البؤر؛ اتخذت قرارات من المحاكم لإعادتها إلى أصحابها الفلسطينيين بعد متابعتهم واتخاذ إجراءاتهم القانونية، ورفع القضايا في محاكم الاحتلال.

وذكر رئيس هيئة مقاومة الجدار والاستيطان، أن الكنيست الإسرائيلي أقر قانون مصادرة الأراضي "العنصري"، وهو يمكن المستوطنين من السيطرة على الأراضي ذات الملكية الخاصة، وقانون آخر سمح للمستوطنين بتملك هذه الأراضي والبناء عليها، وقد سمح "مندلبليت" بذلك.

وأضاف: "هناك خطورة كبيرة في المرحلة القادمة، إن تم تشريع البؤر الاستيطانية المقامة على أراضي فلسطينية خاصة، "وما أنشئ منها حديثًا أيضًا، ولا بد من الشروع في الملاحقة الدولية لـ(إسرائيل)؛ لأن الكنيست يصدر قوانين عنصرية، ويتوجب ملاحقته في الاتحاد البرلماني الدولي".

وتابع عساف: "لن تبقي (إسرائيل) أي قدسية لأي ملكية فلسطينية، بل تسعى للسيطرة على كل شيء، ولم يعد أمامها سوى أولوية واحدة، تتمثل بالتوسع الاستيطاني".

وأشار إلى أن البؤر الاستيطانية إذا ما تمَّ ربطها بالمستوطنات المقامة في الضفة والقدس، وعددها 147 مستوطنة، فإنها تشكل كتلًا استيطانية كبيرة مع بعضها، تقسم الضفة إلى مجموعة من الكانتونات والتجمعات السكنية، ويصبح إقامة دولة فلسطينية "صعبا جدًا". و"الكانتون" عبارة عن تقسيم إداري، و"الكانتونات" صغيرة نسبيًا من حيث المساحة والسكان عندما تقارن بالتقسيمات الأخرى مثل المحافظات أو الإدارات أو الأقاليم. وأشهر الكانتونات وأهمها سياسيًا هي تلك التي في سويسرا، و"الكانتونات" في كوستاريكا، بحسب موسوعة "ويكبيديا".

صفقة قانونية

من جهته، أكد التفكجي أن ما يسعى له "مندلبليت" دليل جديد على أن الاحتلال الإسرائيلي يريد من خلال شرعنة البؤر الاستيطانية؛ "تسويغها وإعطاءها الصفة القانونية لتصبح مستقبلاً جزءًا من المستوطنات الأم".

وأوضح مدير دائرة الخرائط في جمعية الدراسات العربية بالقدس المحتلة، أن الاحتلال يسعى لإعطاء هذه البؤر أفضلية قومية من خلال امتدادها على أراضٍ لا يمكن أن تعود مرة أخرى للفلسطينيين في أي مرحلة تفاوضية.

وأضاف "يأتي ذلك بعد طرح قانون جديد المصادرة للمصلحة العامة، بمعنى أن مصلحة المستوطنين تتطلب فتح هذه الشوارع لتصل ما بين البؤر والمستوطنات الكبيرة".

وعدَّ ذلك التفافا على ما طرح سابقًا بشأن شرعنة البؤر الاستيطانية، التي حصل جزء منها على صفحة قانونية من وجهة نظر قوانين الاحتلال، وما زال منها ما لم يحصل على ذلك.

وتابع التفكجي: "الاحتلال يريد اليوم؛ أن يجعل كل البؤر الاستيطانية قانونية من وجهة النظر الإسرائيلية، حتى لا يتم فكفكتها كما حصل في بؤرة (عامونا)، حيث أقرت محكمة الاحتلال العليا ذلك".

وأكمل أن "الاحتلال يريد أن يحول هذه البؤر الاستيطانية عن طريق تسويغها إلى مؤسسات عامة أو مؤسسات سياحية، ما يعني بقاءها مسيطرة على جزء كبير من الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وأشار إلى أن عدد البؤر الاستيطانية يزيد عن 110 في الضفة والقدس المحتلتين، بعضها "تم شرعنته"، ويعني ذلك في نظر الاحتلال تسويغها قانونيًا؛ ليصبح جزءًا منها منطقة سياحية، والجزء الآخر مؤسسات تخدم الاحتلال والمستوطنين.

ولفت التفكجي كذلك إلى أن البؤر التي حصلت على شرعنة قانونية من الاحتلال وصلت إلى قرابة الـ20، وما تبقى من بؤر جديدة سيتم تسويغها قانونيًا وشرعنتها، ستحتل مساحات جديدة من الأراضي الفلسطينية الفارغة، في مسعى إسرائيلي لتحقيق الهدف الاستراتيجي لدولة الاحتلال، بتواجد مليون مستوطن في الضفة.