أكد رئيس حركة المقاومة الإسلامية "حماس" في الخارج، خالد مشعل، أن القضية الفلسطينية استعادت حضورًا غير مسبوق على الساحة الدولية والإقليمية، بعد سنوات من التراجع، مشيرًا إلى أن “روح القضية عادت وفرضت نفسها على الجميع”.
وقال مشعل، في برنامج "موازين" على قناة الجزيرة مساء أمس الأربعاء، إن القضية الفلسطينية اكتسبت حضورًا واسعًا في أوساط الشباب الأميركي والأوروبي، موضحًا أن “51% من الشباب الأميركيين باتوا يؤيدون القضية الفلسطينية والمقاومة”، واعتبر ذلك تحولًا مهمًا في الرأي العام العالمي.
وأشار إلى أن "الطوفان" أعاد الروح للأمة وللمنطقة بعد فترة مظلمة من مسار التطبيع ومحاولات التعاون مع "إسرائيل"، مؤكدًا أن الحاضنة الشعبية في غزة قدمت بطولة وصمودًا وإبداعًا على مدار عامين، رغم الثمن الإنساني الكبير الذي تجاوز 70 ألف شهيد و200 ألف جريح.
وأوضح مشعل أن التطبيع بات أبعد مما كان قبل السابع من أكتوبر، مشيرًا إلى أن الإدارة الأميركية تحاول عبر مبادراتها تقديم صورة محدودة من الاستقرار في غزة لإنقاذ "إسرائيل" من نفسها ومن تدهور صورتها الدولية، في ظل ضغوط شعبية داخل الولايات المتحدة وأوروبا لوقف الحرب.
وقال، إن الحرب آن لها أن تقف، مشيدًا بمواقف الدول العربية والإسلامية الرافضة لاستمرارها، خصوصًا خلال لقاء قادة ثماني دول عربية وإسلامية بالرئيس الأميركي دونالد ترامب في نيويورك.
وشدد على أن المرحلة الأولى من خطة ترامب لم تُستكمل بسبب العراقيل الإسرائيلية، ما خلق معاناة إنسانية كبيرة في غزة، خاصة مع تضرر الخيام، ونقص الإيواء، وتأخر الإعمار.
وأكد، أن إكمال المرحلة الأولى بكل متطلباتها ضرورة حتى ننتقل إلى المرحلة الثانية، فلا زالت هناك في قطاع غزة أوجه كثيرة من المعاناة، مثل ملف المفقودين، فهناك 10 آلاف مفقود، وبعض الجثامين التي أتت إلى أهلها لم يتم التعرف عليها.
وأشار إلى أن ما يدخل من الشاحنات لا يلبي احتياجات الناس، رغم زيادة عددها إلى نحو 500 يوميًا، مشيرًا إلى أن ثلثها فقط مساعدات والباقي تجارة لا يقدر السكان على تحمل كلفتها.
وشدد مشعل على أن الاحتلال يرتكب انتهاكات واسعة، منها تمديد الخط الأصفر ليشمل نحو 60% من مساحة القطاع، وإخفاء مصير الأسرى الفلسطينيين، في ظل وجود نحو 10 آلاف مفقود لم يجرِ التعرف على مصيرهم.
وأكد أن استكمال متطلبات المرحلة الأولى ضرورة قبل الانتقال إلى المرحلة الثانية، داعيًا إلى تطبيب جراح غزة وإغاثتها، وتنشيط الدور العربي والإسلامي والدولي للضغط على الاحتلال.
وتابع "حماس والمقاومة تعاملتا بمسؤولية ومرونة لوقف الحرب منذ إطلاق خطة ترامب وترجمتها إلى قرار أممي".
وفيما يتعلق بسلاح المقاومة، قال مشعل "مع اقترابنا من المرحلة الثانية يأتي التحدي، فهناك من يريد أمام هذا الموقف الفلسطيني والعربي والإسلامي المسؤول أن يفرض رؤيته علينا، ومثال على ذلك موضوع سلاح المقاومة، فيريدون أن ينزعوا هذا السلاح كما يقول نتنياهو وأمثاله، وهذا أمر في ثقافة شعبنا مرفوض"
وتابع "الضامنون مثل قطر ومصر وتركيا والدول الأخرى يستطيعون أن يضمنوا غزة وحماس وقوى المقاومة، بحيث ألا يأتي من غزة أي تصعيد عسكري. لكن المشكلة ليست هناك، فالمشكلة في التصعيد والقتل والعنف الإسرائيلي ضد أهل غزة".
وأكمل "تجربتنا مع الاحتلال، أنه عندما يُنزع سلاح الفلسطيني أو يفقد سلاحه تأتي المجازر، مثل صبرا وشاتيلا، والمجازر التي ارتكبت في فلسطين عبر التاريخ، فالفلسطيني يعيش تحت الاحتلال ويعتز بسلاحه".
وأشار مشعل إلى تصريح وزير الخارجية المصري الذي يقول فيه إن القوة الدولية دورها حفظ السلام وليس فرض السلام، مؤكدًا أنه تصريح موفق ويعبر عن الموقف المصري والعربي والإسلامي بشكل عام والوسطاء في قطر وتركيا.
وأوضح أنَّ بعض النصوص التي ذكرت فيها ما سُمي بـ"قوة الاستقرار" تتحدث عن دورها في التعامل مع السكان، وبالتالي نزع السلاح، هذا غير مقبول.
واستطرد "فلسفة قوة الاستقرار نتعامل معها من مدخل واحد، وهو أن تكون موجودة على الحدود لتضمن عدم وجود اشتباكات، وأن تحفظ السلام لا أن تفرضه، والأولى أن يشدد على الطرف الصهيوني لأنه هو من يملك أدوات الدمار".
وشدد مشعل على أن دخول هذه القوات لغزة يعني أنها تحولت إلى قوات احتلال بديلا عن الاحتلال الصهيوني، وهذا لا يمكن أن تقبله أي دولة عربية ومسلمة أو أي دولة تحترم نفسها.
وحول إدارة غزة، لفت رئيس "حماس" في الخراج إلى أنه تم التوافق على أن تسلم إدارة غزة لحكومة تكنوقراط من داخل غزة، بعد أن تعثر إيجاد صيغة حكومة تبسط دورها في غزة والضفة، خاصة مع ظروف الحرب على غزة، والفيتو الصهيوني، ومن هنا جاء إنشاء هيئة تكنوقراط لحكم غزة، وقد أُنضج الأمر.
وأكد، أنه حوار معمق مع الفصائل والإدارة المصرية، وقدمت قائمة من 40 اسماً، استخلص منهم 8 شخصيات ذات كفاءة، يمثلون تنوع المجتمع الغزي الذي يملك القدرة والإبداع، ويلحق بهم قوات شرطة لحفظ الأمن، و"نصنع صورة مجتمع مدني حقيقي، لا تتدخل فيه حماس وقوى المقاومة".
وأوضح مشعل أنَّ مجلس السلام الذي جرى الحديث عنه والذي يرأسه ترامب محفوف بالمخاطر، حيث إنه اقترح أن يضم المجلس عددا من رؤساء الدول، وأن يكون هناك مجلس تنفيذي تحت هذا المجلس هو الذي يشكل الحكم الحقيقي في غزة، وهذا الذي نتوقف أمامه، لأنه مرفوض بالنسبة لنا، فهو شكل من أشكال الوصاية، ويذكر بالانتداب البريطاني منذ مئة عام.
وقال، إنَّ "العودة إلى صيغة الانتداب أو الوصاية غير مقبول، وهم يعتبرون أن حكومة التكنوقراط أداة ملحقة بهذا المجلس التنفيذي، وهذا أمر مقلق وغير مقبول في الوعي الفلسطيني".
وشدد مشعل بالقول: "نحن نريد أن يحكم الفلسطيني الفلسطيني، فهو من يقرر ومن يحكم".
وبشأن الممارسات "الإسرائيلية" في الضفة الغربية، نبّه مشعل إلى أن "إسرائيل" تقوم حاليا بالضم الفعلي للضفة وهي تريد أن تحسم الهوية السياسية للضفة وأن تلحقها بالسيادة "الإسرائيلية" من خلال خطوات عملية، وقال إن السلطة الفلسطينية عليها مسؤولية كبيرة، وإنها تعرف أن" مشروعها السياسي أُفشِل، ويتم تقليم أظافرها وتُقلص صلاحيتها وينظر إليها أن تكون أداة أمنية".
دعا مشعل المجتمع الدولي والعربي والإسلامي إلى التحرك لإغاثة غزة، ومعالجة جراحها، والضغط على "إسرائيل" والإدارة الأمريكية لضمان استكمال متطلبات المرحلة الأولى، تمهيدًا للمرحلة الثانية لإعادة الاستقرار والإعمار.

